بداية فإن هناك فروق جوهرية بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة فى نظرتها للفساد
إن الفساد في الدول المتخلفة أشبه بفيروس يصيب جسدا بلا مناعة فيتسلل إلى نواة الخلية (نظام الحكم والمؤسسات) فيصيبه ويتنقل إلى باقى الأعضاء (المجتمع) فينتشر المرض ويتعطل عضو تلو الآخر إلى أن يهرم ويضعف الجسد منتظراً هلاكه وموته .
وتتمثل تلك السمات والفروق فى عشرة معايير على النحو التالي :-
-المعيار الأول :- نظرة الشعب للفساد :- فإن الفساد في الدول المتقدمة (استثناء) أما في الدول المتخلفة (ظاهرة) بالنسبة للمواطنين فهم أكثر قبولاً للفساد كأمر واقع لا يمكن تغييره بل ولا يفكر في تغييره بل أنه قد يمارسه أيضا كنوع من التكيف مع الأمر الواقع أو للتقرب من النخبة وبدلاً من أن يكون هو الضحية يصبح من ضمن الجلادين .
-المعيار الثاني :- الوعى المجتمعى :- فى الدول المتخلفة تجرى محاولات مستمرة لتزييف الوعي وفيها يفقد المواطن العادى رؤيته للأمور ويكون هناك جهلاً عاما وغموضا بما هو مقبول أو غير مقبول فى الفساد سياسيا أو إجتماعيا أو قانونياً ، فلا يتشكل رأى عام مناهض للفساد ، فى حين نرى فى الدول المتقدمة رأياً عاما قوياً مؤثر ومناهض للفساد نظرا للتوعية الدائمة بمظاهر الفساد وخطورته على المجتمع .
-المعيار الثالث :- وضع النخبة :- بالنسبة للنخبة فى الدول المتخلفة إما رخوة أو هشة أو مفتتة أو مستقطبة وسهل احتوائها بواسطة السلطة كما أنها أكثر ميلاً الفساد وممارسة له من حيث الكم والكيف ، أما في الدول المتقدمة فإنها تشكل ضمير المجتمع وتملك مفاتيح التغيير والإصلاح فلا يمكن سحقها أو شراؤها .
-المعيار الرابع :- أدوات المجتمع المدني في كشف الفساد :- فى الدول المتقدمة هناك العديد من الوسائل الرقابية للكشف عن الفساد مثل وسائل الإعلام والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ، أما الدول المتخلفة فهناك غياب تام للمجتمع المدني فى كشف الفساد ، بل أن الفساد نابعاً منها وتقيد وتعرقل كل محاولات كشفه كونها مشاركة في إحداثه .
-المعيار الخامس :- دور الأجهزة الرقابية فى كشف الفساد :- فى الدول المتقدمة هناك مؤسسات وأجهزة لديها القدرة علي تتبع الفساد الذى تكشفه وسائل الإعلام أو الأفراد وتقوم بمحاسبة المتورطين فيه أيا كان مركزهم ، أما الدول المتخلفة فهناك غياب تام لدور هذه المؤسسات فوجودها صوريا .
-المعيار السادس :- نظام الحكم في الدوله وأثرها فى إنتشار الفساد :- هذا وأنظمة الحكم المتخلفة أنظمة إستبدادية غير دستورية ولا تتغير بسهولة ويصدق عليها مقولة ( إن من يستيقظ مبكرا يحكم ) فيعيش الفساد فيها لسنوات طويلة دون فرصة لتغييره بل إن تلك الأنظمة هى الراعي الرئيسي للفساد ولرموزه على الرغم من إدعائها محاربته فى الظاهر وهو ما يشكل إجهاضا تاما لأى محاولة لمحاربة الفساد ، أما فى الدول المتقدمة فإن أليات التغيير السياسي تزعج أى نظام سياسي فاسد لأنه يعلم أنه رهين أقرب انتخابات تطيح به وتستبدله بنظام أخر يكشف فساده وتحاسبه .
-المعيار السابع :- الرأى العام وتأثيره :- للرأى العام قوة وتأثير وضغط على صناع القرار في الدول المتقدمة في حين ينعدم أثره أو يضعف فى الدول المتخلفة ولهذا لا يأبه الحكام الفاسدون به ولا يقيمون له أى وزن .
-المعيار الثامن :- المنظومة القانونية القضائية وأثرها :- تشكل المنظومة القانونية والقضائية سياجا قوياً وحصنا منيعاً ضد إنتشار الفساد في الدول المتقدمة ، فى حين نجد تلك المنظومة مضطربة بل وأحياناً تخدم الفساد نفسه وتشجع عليه فى الدول المتخلفة نظرا لإنعدام دورها .
-المعيار التاسع :- المستوى المعيشي (الجهل والفقر) وأثره :- مع انتشار وشيوع الفقر والجهل والمرض فى الدول المتخلفة تنهار منظومة القيم الأخلاقية من الصدق والأمانة وإتقان العمل وتشيع قيم الخوف والإنتهازية والتملك والفهلوة والتى تشكل بدورها أرض خصبة يترعرع فيها الفساد .
-المعيار العاشر :- الرعاية الدولية للفساد :- هذا ولأسباب سياسية واقتصادية مختلفة تقوم بعض الدول العظمى برعاية الأنظمة الفاسدة فى الدول المتخلفة حيث تكون مستفيدة من وجودها أو تخشى أن تقوى هذه الدول المتخلفة وتصبح قوية إقليمية فتجهض أى محاولة لإصلاح أوضاعها السياسية أو الإقتصادية ، ولا يوجد ذلك الوضع في مواجهة الدول ذات السيادة .
– فى النهاية :-
فإن أولى خطوات القضاء على الفساد في أى دولة هى أن تكون دولة بحق وليست دولة فاشلة وهذا فى المقام الأول يعتمد على الإرادة السياسية والإرادة الشعبية ، فتحية لمن حمل روحه على كتفه وتحمل الكثير كى تكون مصر فى طليعة الدول التى تكافح الفساد ، معالى رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي .