بداية لا يستطيع أن ينتشر فسادا في مجتمع ما إلا إذا كانت البيئة المحيطة مهيأة له أولها مسئولية المواطن ولكى نحدد حجم مسئوليته فى تفشى الفساد لابد أن نوضح أن هناك ثلاث أنواع من المواطنين كل منهم داخل دائرة تشكل دوره التوعوى بالمجتمع فى مكافحة الفساد وفى نفس الوقت تمثل نظرته للفساد من حيث رأيه وسلطته ومسئوليته ، على النحو التالي :-
-الدائرة الأولى :- وفيها يكون للمواطن رأى مسموع بين متبوعيه وصاحب سلطة عليهم ، بداية من سلطة الحاكم والمسئول الحكومى وغير الحكومى وسلطة المدرس في المدرسة على التلاميذ وصولاً إلى سلطة الأب فى المنزل على أسرته ، وذلك كله يعتمد على مدى قوة سلطة الشخص وسيطرته على متبوعيه :-
(١) فإذا كانت نظرته وصوليه دنيوية ورؤيته للفساد على أنها فرصة ، تأثر متبوعيه بفكره وأفكاره ، وكنا أمام مجموعة من الفسدة متخذين مبدأ ” إذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت الرقص ” .
(٢) وإذا كانت نظرته أخروية ورؤيته للفساد على أنه ذنب وإثم وضلال ، تأثر متبوعيه بفكره وأفكاره ، وكنا أمام مجموعة من المصلحين نابذين للفساد والفسده .
-الدائرة الثانية :- وفيها يكون للمواطن رأى مسموع بين المتعاملين معه ومتابعيه ولكن لا يملك أى سلطة عليهم ، وذلك مثل العلماء والأدباء والمفكرين والإعلاميين والفنانين حتى لاعبى كرة القدم ، فهم أصحاب رأى على المستوى العام ، ولكنهم لا يملكون القدرة المباشرة على إحداث التغيير ، وينحصر دورهم فقط على التوعية :-
(١) فإذا كانت نظرته وصولية دنيوية ورؤيته للفساد على أنه فرصة ، إبتعد كل البعد عن إبراز ذلك الفساد للجماهير وإتخذ أخد الأتجاهين:-
* الإتجاة الأول :- السعى نحو تزييف الوعى المجتمعى وإظهار كل فساد على أنه إنجاز .
* الإتحاة الثاني :- البعد كل البعد عن ذكر كلمة فساد وإقتصار دوره على إلهاء المجتمع بالكتابات والبرامج التافهة غير الهادفة .
(٢) أما إذا كانت نظرته أخروية ورؤيته للفساد على أنه إثم وضلال إرتدى زى المحارب وسعى نحو إبراز مناحى الفساد في المجتمع دون حساب لأى ضغوط قد يتعرض إليها .
-الدائرة الثالثة :- وفيها لا يكون للمواطن رأى ولا يمتلك سلطة على أحد ويقتصر دوره بالمجتمع على كونه المتلقي والمستقبل للأحداث والمفعول به دائما وليس الفاعل أو حتى الضمير ، شأنه شأن الأطفال الأولى بالرعاية .
– فى النهاية :-
فإن الدولة مازالت تكافح الفساد وتحارب المفسدين بشتى الطرق ، وتضيق عليهم الخناق لكن ما فائدة جهودها وأنتم كمواطنين مسئولين عن الفساد بمواقفكم السلبية وذلك إما بالتغاضى عنه أوالرضا به وما أشبه اليوم بالبارحة ، فالفساد هنا هو فساد الضمائر وهو ما يظهر جلياً في أزمة إشتعال الأسعار غير المبررة فتقبلك كمواطن للشراء بهذه الأسعار هو إقرار منك بسلامة موقف الفسدة وتشجيعا لهم كى يستمروا فى إستغلالك ، ومن ثم فأنت تضيع جهود الدولة في مكافحتهم ، فكن واعيا وأترك ما لا تستطيع شراؤه ، فيضطر الفاسد أن يرجع إلى رشده وتنزيل الأسعار ، ونحقق المعادلة المرجوة بأجهزة تكافح الفساد مع مواطن واعى يشعر بأهمية دوره في المجتمع .