متابعة : أحمد طه عبد الشافي
في إطار السعي لبناء مجتمع يدعم ذوي الإعاقة ويحترم احتياجاتهم وحقوقهم، ظهرت مبادرة “اعرفونا” كمشروع رائد يهدف إلى تغيير المفاهيم الخاطئة وتقديم الوعي اللازم حول قضية الإعاقة. تأسست المبادرة على يد الأستاذة هدى عبد العزيز بيومي إسماعيل، وهي شخصية ذات إعاقة حركية، نجحت في تحويل تحدياتها الشخصية إلى حافز لتحقيق تغيير إيجابي في المجتمع.
أهداف المبادرة: تهدف “اعرفونا” إلى رفع مستوى الوعي العام حول حقوق ذوي الإعاقة واحتياجاتهم، وتسليط الضوء على القدرات المميزة للأشخاص ذوي الإعاقة. المبادرة تهدف أيضًا إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر ثقافة الاحترام والشمولية في المجتمع المصري، مع التركيز على تعزيز دور المرأة ذات الإعاقة، وتمكينها من الانخراط بفعالية في كافة جوانب الحياة.
مؤسس المبادرة وبداية الرحلة: تأسست مبادرة “اعرفونا” على يد الأستاذة هدى عبد العزيز بيومي إسماعيل، التي حوَّلت تجربتها الشخصية إلى مصدر إلهام للمجتمع. بدأت المبادرة كفكرة بسيطة لتوعية الناس حول كيفية التعامل مع ذوي الإعاقة، وسرعان ما توسعت بفضل إصرارها وجهودها الدؤوبة. نظمت الأستاذة هدى ندوات توعوية صغيرة في المجتمعات المحلية، وبدعم من أفراد المجتمع، تطورت المبادرة خطوة بخطوة لتشمل مؤسسات تعليمية كبيرة وشراكات مع كيانات حكومية وخاصة.
أنشطة المبادرة: منذ انطلاقها، نظمت مبادرة “اعرفونا” العديد من الفعاليات والأنشطة التي تستهدف مختلف شرائح المجتمع، من طلاب المدارس والجامعات إلى الموظفين والعاملين في القطاعات المختلفة. من بين الأنشطة البارزة للمبادرة:
1. ورش عمل تدريبية: عقدت المبادرة ورش عمل توعوية بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم بالإسكندرية، استهدفت الطلاب والمعلمين على حد سواء، لتعريفهم بكيفية التعامل مع زملائهم من ذوي الإعاقة وتوفير بيئات تعليمية داعمة وشاملة.
2. ندوات توعوية: قدمت المبادرة ندوات توعوية كثيرة في الجامعات والمدارس، بما في ذلك التعاون مع المعهد العالي للخدمة الاجتماعية وكلية النقل الدولي واللوجستيات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، بالإضافة إلى كلية التربية النوعية بفرعيها. تم التركيز في هذه الندوات على تصحيح الأفكار السلبية المتعلقة بذوي الإعاقة، وكيفية تعزيز التعايش الإيجابي داخل المجتمع.
3. خدمات قياس سمعي: من خلال شراكة مع شركة “أمبليفون الشرق الأوسط”، قامت المبادرة بتوفير خدمات القياس السمعي لطلاب كلية النقل الدولي واللوجستيات، مما يعكس حرص المبادرة على تقديم خدمات متخصصة تساهم في تحسين جودة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة السمعية.
4. توزيع أدوات مساعدة: قامت المبادرة بتوفير كراسي متحركة لمدارس مختلفة، مثل مدرسة أحمد شوقي، وساعدت في توفير سماعات لذوي الإعاقة السمعية، خاصة للنساء في المجتمع المحلي. هذه الجهود تعكس التزام المبادرة بتقديم الدعم المادي والمعنوي للأشخاص ذوي الإعاقة.
5. أنشطة مجتمعية من خلال مراكز الشباب: في إطار جهودها لتوسيع نطاق التوعية، تعاونت مبادرة “اعرفونا” مع مراكز الشباب بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة. ساهم هذا التعاون في تنظيم ورش عمل توعوية وفعاليات تدريبية في مراكز الشباب بمختلف المناطق، بهدف الوصول إلى أكبر شريحة من الشباب وتعزيز الوعي لديهم حول قضايا ذوي الإعاقة.
التأثير المجتمعي: من خلال أنشطتها المستمرة، تمكنت مبادرة “اعرفونا” من تغيير نظرة المجتمع تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة. أظهرت المبادرة أن الإعاقة ليست عائقًا أمام التميز والنجاح، بل هي فرصة لإظهار قوة الإرادة والتحدي. ساهمت المبادرة في تعزيز مفهوم الشمولية، حيث أصبحت المدارس والمؤسسات المشاركة أكثر قدرة على التعامل مع ذوي الإعاقة وتوفير بيئات ملائمة لهم.
التحديات والطموحات المستقبلية: رغم النجاحات الكبيرة التي حققتها المبادرة، تواجه “اعرفونا” تحديات تتعلق بضرورة تغيير الثقافة المجتمعية بشكل أعمق وتوفير الموارد الكافية لدعم مشاريعها. ومع ذلك، تستمر المبادرة في التوسع وتطوير أنشطتها، مع خطط لزيادة التعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة، وتعزيز الدعم الذي تتلقاه من المجتمع المدني.
الشركاء والداعمين: تتعاون مبادرة “اعرفونا” مع مجموعة من الشركاء والداعمين، بما في ذلك مديرية الشباب والرياضة بالإسكندرية، والمعهد العالي للخدمة الاجتماعية، وكلية التربية النوعية بفرعيها، ومؤسسات تعليمية أخرى. هذا التعاون يعزز من تأثير المبادرة ويتيح لها الوصول إلى شرائح أكبر من المجتمع.
تُعد مبادرة “اعرفونا” مثالًا حيًا على كيف يمكن للمجتمع أن يصبح أكثر شمولية وتقبلاً لذوي الإعاقة. من خلال توعية الأفراد وتقديم الدعم اللازم، تسعى المبادرة إلى إحداث تغيير إيجابي ومستدام. تدعو المبادرة الجميع للمشاركة في هذا الجهد المجتمعي، لأن التغيير يبدأ من كل فرد في المجتمع.
و اخيرا تواصل “اعرفونا” جهودها لتصبح رائدة في نشر الوعي وتقديم الدعم لذوي الإعاقة في مصر. هذه المبادرة لا تقتصر على تصحيح المفاهيم فقط، بل تسعى إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من تحقيق إمكانياتهم الكاملة، في بيئة تحترم حقوقهم وتقدّر مساهماتهم.