عبدالرحيم عبدالباري
لم يعد تطوير منظومة التأمين الصحي الشامل مرهونًا بزيادة الموارد فقط، بل أصبح مرتبطًا بقدرة الدولة على إدارة تلك الموارد بكفاءة وشفافية. ومع التحول الرقمي المتسارع، تبرز ميكنة المنظومة كأداة استراتيجية لإعادة ضبط العلاقة بين المواطن والخدمة الصحية، وتحويل الإجراءات المعقدة إلى مسارات ذكية وسريعة. وفي هذا السياق، جاء اجتماع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان ليؤكد أن ميكنة التأمين الصحي الشامل ليست خيارًا تقنيًا، بل مسارًا حتميًا لضمان العدالة والاستدامة.

عقد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اجتماعًا موسعًا لمناقشة الموقف التنفيذي الحالي لمشروع ميكنة التأمين الصحي الشامل، في إطار متابعة دقيقة لمعدلات الإنجاز والتحديات القائمة. ويعكس هذا الاجتماع إدراك القيادة الصحية لأهمية المرحلة الحالية، حيث يمثل المشروع حجر الأساس لبناء منظومة صحية حديثة، قادرة على تقديم خدمات متكاملة تعتمد على البيانات المحدثة، وتضمن وصول الخدمة للمستحقين بكفاءة دون ازدواجية أو هدر.
وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن الوزير استهل الاجتماع بالإشادة بالتعاون المثمر مع شركة فودافون، مؤكدًا أن الاستثمارات التي ضختها الشركة في البنية التحتية الرقمية تمثل ركيزة أساسية لنجاح المشروع. وشدد الوزير على أن الشراكة مع القطاع الخاص تهدف إلى مواجهة التحديات التقنية والتشغيلية، وضمان استدامة الأنظمة الرقمية، والانتهاء من المشروع وفق الجداول الزمنية، بما يتماشى مع استراتيجية الدولة للتحول الرقمي.
وأضاف «عبدالغفار» أن الاجتماع تناول التقدم المحرز في ميكنة منظومة التأمين الصحي الشامل، بما يشمل ربط وميكنة جميع المستشفيات، والمراكز، والوحدات الطبية، إلى جانب تدريب الكوادر البشرية على استخدام النظم الحديثة. كما جرى استعراض تنفيذ بوابة التسجيل والاعتماد وتشغيلها فعليًا، باعتبارها محورًا رئيسيًا لضبط جودة الخدمة، وتيسير إجراءات الانتفاع، وتحقيق تجربة رقمية متكاملة للمواطن داخل المنظومة.

وشهد الاجتماع نقاشًا موسعًا حول تحقيق التكامل اللحظي بين الهيئات المعنية بمنظومة التأمين الصحي الشامل، بما يضمن تدفق البيانات بشكل فوري ودقيق. وتم التأكيد على أهمية الإسراع في إنجاز الملفات المشتركة مع شركة فودافون، لتوحيد المنصات الرقمية، وتقليل الازدواجية في الإجراءات، وتعزيز القدرة على المتابعة والتقييم. ويعد هذا التكامل خطوة جوهرية لدعم اتخاذ القرار الصحي على أسس علمية، قائمة على مؤشرات أداء حقيقية.
وحضر الاجتماع من وزارة الصحة والسكان كل من الدكتور عمرو عايد، مساعد الوزير لنظم المعلومات والتحول الرقمي، والدكتور شريف مصطفى، مساعد الوزير للمشروعات القومية، والدكتورة رشا شرقاوي، رئيس الإدارة المركزية للإدارة الاستراتيجية. كما شارك من الهيئة العامة للرعاية الصحية الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة، والدكتور أمير التلواني، المدير التنفيذي، واللواء مهندس هشام شندي، مستشار رئيس الهيئة للصحة الإلكترونية والطب الاتصالي، في تأكيد على تكامل الأدوار بين التخطيط، والتنفيذ، والدعم التقني.
كما شارك في الاجتماع من الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل السيدة مي فريد، المدير التنفيذي، واللواء أسامة منير، رئيس الإدارة المركزية لنظم المعلومات والتحول الرقمي، ومن هيئة الاعتماد والرقابة الدكتور أحمد طه، رئيس الهيئة، والدكتور محمد السايس، القائم بعمل المدير التنفيذي، إلى جانب ممثلي شركة فودافون. ويعكس هذا الحضور الواسع إدراكًا جماعيًا بأن ميكنة التأمين الصحي الشامل تمثل مشروعًا وطنيًا مشتركًا، يتطلب تنسيقًا مستمرًا لضمان نجاحه واستدامته.
يؤكد هذا الاجتماع أن الدولة تمضي بخطى ثابتة نحو تحويل التأمين الصحي الشامل إلى منظومة ذكية، تعتمد على البيانات والتكامل الرقمي لضمان العدالة والكفاءة. فحين تنتقل الصحة من الورق إلى المنصات الذكية، يصبح حق العلاج أكثر وضوحًا وسهولة، وتتحول التكنولوجيا إلى شريك حقيقي في حماية المواطن. ومع استمرار هذا النهج، تقترب مصر من ترسيخ نموذج صحي حديث، يوازن بين الجودة، والاستدامة، وكرامة الإنسان.