عبدالرحيم عبدالباري
في توقيت تتسارع فيه تحولات القطاع الصحي، وتعاد فيه صياغة أدوار الدولة والشركاء الدوليين، جاء اجتماع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان مع وفد مجموعتي «Curagita» و«ACH» ليعكس ملامح مرحلة جديدة من التخطيط الصحي القائم على الاستثمار الذكي والتخصص الدقيق. لم يكن اللقاء مجرد نقاش فني حول تطوير قسم الأشعة، بل منصة حوار استراتيجي حول مستقبل مدينة النيل الطبية، باعتبارها مشروعًا قادرًا على تقديم نموذج متقدم للخدمات الصحية، يجمع بين الجودة، والاستدامة، ونقل الخبرات العالمية إلى الداخل المصري.

عقد الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، اجتماعًا موسعًا مع الدكتور يوهانس شميت-توبهوف، الرئيس التنفيذي لمجموعة «Curagita»، والسيد كريم سعادة، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة «ACH»، والوفد المرافق لهما، لبحث آفاق التعاون المشترك في القطاع الصحي، وعلى رأسها تطوير قسم الأشعة بمشروع مدينة النيل الطبية. ويأتي هذا الاجتماع في إطار توجه الدولة لتعزيز الشراكات الاستثمارية النوعية، التي لا تكتفي بضخ التمويل، بل تضيف خبرات إدارية وتقنية قادرة على إحداث نقلة حقيقية في مستوى الخدمة الطبية.
وأوضح الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن الاجتماع ركز على مراجعة أطر التعاون السابقة، وتقييم ما تحقق منها، إلى جانب مناقشة خطط العمل المستقبلية، واستعراض أبرز مشروعات مجموعتي «Curagita» و«ACH» في القطاع الصحي على المستويين الإقليمي والدولي. وتهدف هذه المراجعة إلى الاستفادة من التجارب الناجحة، وتكييفها مع طبيعة السوق المصري واحتياجاته، بما يعزز من قدرة المنظومة الصحية على التطوير المستمر، ويدعم توجه الوزارة نحو بناء شراكات قائمة على القيمة المضافة وليس فقط التمويل.
وأشار «عبدالغفار» إلى أن النقاشات تناولت الهدف الاستراتيجي لتطوير قسم الأشعة ليصبح مركزًا رائدًا يضع معايير جديدة للخدمة الطبية، سواء من حيث جودة التشخيص أو سرعة الأداء. وتمت مناقشة الجوانب المتعلقة بالمعدات الطبية المتقدمة، والبنية التحتية، والاعتبارات المالية، والأنظمة الداعمة، فضلًا عن استعراض الوضع الحالي والرؤية المستقبلية للقسم، بما يشمل أعداد المنتفعين، وتنوع الأقسام، وأنواع الأجهزة المزمع تشغيلها. ويهدف ذلك إلى رفع كفاءة الخدمة، وضمان دقة التشخيص، وتقليل فترات الانتظار.
وتضمن الاجتماع عرضًا تفصيليًا لأجهزة الأشعة الموجودة في المبنى القائم، ومبنى الأورام، والمبنى الجديد للعيادات الخارجية، شمل الأنواع، والشركات المصنعة، والطرازات، والأرقام التسلسلية، بما يعكس مستوىً عاليًا من الشفافية والتخطيط العلمي. كما تم طرح خطة عمل مقترحة تركز على تطوير الكوادر البشرية، وتحسين تدفق المرضى داخل المنشآت، وتحديث البنية التحتية، ودمج التقنيات الحديثة، بما يحقق التكامل بين العنصر البشري والتكنولوجيا، ويضمن تقديم خدمة تشخيصية متقدمة وآمنة.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الاجتماع ناقش إعادة تصميم مسار المرضى لتحسين تجربة تلقي الخدمة، والتخطيط المعماري لخلق بيئة علاجية مثالية، تعزز من كفاءة التشغيل وراحة المرضى في آن واحد. كما تم التطرق إلى استراتيجية التنفيذ، والفرص المستقبلية للتوسع، وبنود الشراكة المقترحة بين الوزارة والمجموعتين، إلى جانب بحث فرص تدريب الكوادر الطبية والفنية في مجال الأشعة. ويأتي هذا التوجه انطلاقًا من إيمان الوزارة بأن الاستثمار في الإنسان لا يقل أهمية عن الاستثمار في الأجهزة.
وشدد الدكتور خالد عبدالغفار خلال الاجتماع على أهمية بناء خطة تنفيذية مرنة تراعي المتغيرات المستقبلية، وتضع البعد طويل الأمد في صميم تطوير البنية التحتية، مؤكدًا أن قوة التخطيط اليوم هي الضمان الحقيقي لاستدامة الخدمة غدًا. وأوضح أن تطوير مدينة النيل الطبية يجب أن يستند إلى رؤية شاملة تحافظ على كفاءة تدفق المرضى، وجودة الأداء، واستمرارية الخدمة، بما يجعل المشروع نموذجًا يحتذى به في إدارة المنشآت الطبية الكبرى، وقاطرة لتطوير خدمات الأشعة على مستوى الجمهورية.

عكس الاجتماع، بحضور نخبة من القيادات، من بينهم الدكتور شريف مصطفى مساعد الوزير للمشروعات القومية، والدكتور محمد فوزي مستشار الوزير للأشعة، والدكتورة مها إبراهيم رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، والسيد محمد رمضان رئيس الإدارة المركزية للأمانة العامة، والدكتور أحمد رزق نائب رئيس الأمانة، والمستشار منصور حمزاوي المستشار القانوني، والسيد أحمد ماهر المدير المالي والإداري، إلى جانب وفد «ACH» و«Curagita» الذي ضم السيد كريم أبو النجا، والسيدة دينا واكد، والسيد يوسف زرقا، أن مشروع مدينة النيل الطبية يقف على أعتاب مرحلة جديدة. مرحلة تتلاقى فيها الرؤية الحكومية مع الخبرة الدولية، لتصنع نموذجًا صحيًا حديثًا، يضع التشخيص الدقيق وجودة الخدمة في قلب معادلة التنمية الصحية الشاملة.