
ليس بوسع أحد أن يملأ مكان أحد، فالأماكن في القلوب كبصمات الأصابع، لا تتطابق أبداً، كل شخص يترك ظلالاً مختلفة في مساراتنا، نقوشاً على جدران الروح لا يمحوها الزمن
لكل قلب قصته، لكل حكاية ألوانها التي لا تشبه سواها قد يحاول البعض أن يسير على نفس الدروب، لكن خطاهم لن تصدح بنفس الوقع، ولن تتناغم مع أسرار تلك البصمات المجيدة
نتوهج بذكرى من كان لنا كل شيء، ونرقص مع طيف الذكريات على مسرح الحنين، ومع غروب كل شمس، نتسائل: هل من الممكن أن يعود ذاك النور الذي ملأ فراغات الروح؟
ودوماً ما نفقد أجزاءً منا بين من يذهب وبين من يأتي، وبين دربٍ نسلكه ودربٍ يسلكنا.
نجوب الأيام بحثاً عن أشباهُ لأشلاءٍ تركتها رياح الفراق على أعتاب الذكريات،
وهكذا، نكتشف أن الحياة موسيقى لكن الألحان متباينة، وأن كل وجه عابر في حكاياتنا أضاف نغمةً تارةً وسكتةً أخرى. نحتفظ بإيقاع الحب في صمت ونغني أحزان الغياب في جلبة،
بين هؤلاء الذين غادروا وأولئك الذين لم يأتوا بعد، نعيد ترتيب مشاهد الوجدان، ونعلم أن كل غائب سيبقى يُضيء ليل ذاكرتنا بنجم لا ينطفئ، وأن كل قادم له مكانه المُنير في فلك القلب، وإن كان مختلفاً،
ولكن مهما طال اللقاء أو قصر، تبقى بصمة الروح عصيّة على النسيان، كوشمٍ باقٍ
يحتضنه الزمن بكل لطف وقسوة.