
استعادت مصر دورها المحورى بالقارة الإفريقية فى مجالات عديدة على مدار العشر سنوات الماضية، وحققت إنجازات على المستوى الاقتصادى والسياسى من شأنها البناء عليها فى المرحلة المقبلة لتحقيق التنمية بالقارة، فمنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم عام 2014، عظمت مصر من جهودها تجاه القارة الإفريقية؛ من خلال تنشيط التعاون مع الدول الإفريقية في كافة المجالات، فضلًا عن استضافة عدد من المؤتمرات والمنتديات المعنية بالاستثمار والاقتصاد والأمن فى القارة.
واستمرارا لريادة مصر فى القارة السمراء، شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء ، في فعاليات الدورة السادسة لاجتماع منتصف العام التنسيقي للاتحاد الأفريقي، في العاصمة الغانية “أكرا” خلال الفترة من 18 إلى 21 يوليو 2024 ، بمشاركة عدد من رؤساء الدول والحكومات وممثلي المنظمات الأفريقية، وتأتي تلك المشاركة في ضوء رئاسة مصر الحالية لوكالة الاتحاد الأفريقي للتنمية “النيباد “.
مازالت القارة الافريقية تُواجه تحديات أمنية واقتصادية وتنموية عدة، بسبب المشكلات البنيوية المُركبة، ومن بينها ارتفاع معدلات الفقر، والبطالة، بالإضافة إلى استمرار تفشي ظاهرة الإرهاب، والنزاعات المسلحة في عدد من الدول، ما أدى إلى تنامي وطأة واتساع نطاق الأزمات الإنسانية المرتبطة بها، وضاعف من التداعيات السلبية الضخمة لتلك التهديدات، حالة الاستقطاب الدولي والتحديات الجيوسياسية العالمية، بدءاً من العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة وآثاره الممتدة على أمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر، مروراً باستمرار الأزمة الروسية – الأوكرانية، وانتهاء بالأوضاع الاقتصادية والمالية المرتبكة، واستمرار عدم قدرة القُوى الكبرى على معالجة مكامن الخلل في النظام الاقتصادي والمالي العالمي، والتي أفضت إلى زيادة الفجوة بين الشمال والجنوب، ما ألقى بظلاله على معدلات التنمية والأداء الاقتصادي في أفريقيا.
هذه التحديات تستوجب ان يتم الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية الهائلة التي تزخر بها القارة الأفريقية، فضلاً عن تعزيز العلاقة بين السلام والتنمية، إلى جانب دعم قدرة القارة على الصمود والتكيف مع الصدمات الخارجية، وظاهرة تغير المناخ، وفي هذا الصدد، حرصت مصر، على إبراز الدور المحوري الهام الذي تلعبه وكالة النيباد في تعزيز جهود التكامل الإقليمي القاري، من خلال تنفيذ أجندة التنمية الأفريقية، والمشروعات القارية والإقليمية، وتوفير التمويل لها، كما تحرص الدولة المصرية على
استمرار التنسيق مع الأشقاء وسكرتارية الوكالة للدفع بالأجندة الأفريقية قُدُماً، وتطوير الجهود الرامية لتعزيز التكامل القاري والإقليمي، بما في ذلك عبر تحقيق أولويات الرئاسة المصرية للنيباد خلال الفترة القادمة.
أن أولويات الرئاسة المصرية في هذا الصدد، تتضمن إيلاء الأهمية لجهود حَشْد الموارد المالية في المجالات ذات الأولوية بالنسبة للقارة، وعلى رأسها حَشْد التمويل لمشروعات البنية التحتية في إطار برنامج تنمية البنية التحتية الأفريقية PIDA، وممرات البنية التحتية الخضراء، فضلاً عن خطة الطاقة الرئيسية القارية، وكذلك تنفيذ السياسة الزراعية الأفريقية المشتركة، وغيرها من المبادرات ذات الأولوية بالنسبة للقارة، كما تتضمن تلك الأولويات الإسراع نحو تفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية وتعزيز استفادة الدول الأعضاء منها، والربط بينها وبين برنامج تطوير البنية التحتية في أفريقيا، إلى جانب تفعيل الرابط الثلاثي بين السلم والأمن والتنمية والذي يتشارك في أولوياته وأهدافه مع ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، الذي يتولى الرئيس عبد الفتاح السيسي ريادته على مستوى القارة، والتنسيق في هذا الإطار مع مُفوضية السلم والأمن والشئون السياسية بالاتحاد الأفريقي، ومركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات الذي تستضيفه القاهرة.
الجميع يدرك ان مصر تعمل على تطوير الشراكة مع دول العالم بحيث تُحقق تلك الشراكات الهدف الرئيسي منها، وهو خدمة أولويات ومصالح القارة وشعوبها التنموية، بما في ذلك حث القوى الاقتصادية الكبرى على تنفيذ وعودها التمويلية الكبيرة، وإيجاد سبل ووسائل مبتكرة لتنفيذ المشروعات القارية ذات الأولوية لتحقيق الاندماج القاري والإقليمي، مثل الممر الاستراتيجي بين القاهرة وكيب تاون، ومشروع سد إنجا”.
ويبقى ان نؤكد على اهمية توظيف انضمام الاتحاد الأفريقي لمجموعة العشرين، باعتباره خطوة أولى هامة في الطريق الصحيح نحو تعزيز صوت القارة في المناقشات الجارية حول إصلاح الهيكل المالي العالمي، وإعادة تشكيل الإطار التمويلي لأفريقيا، واستحداث آليات تمويل جديدة مُبتكرة وفعالة، بجانب تعظيم الاستفادة من الآليات القائمة، فضلاً عن التعامل بالجدية والسرعة الواجبة مع إشكالية ديون الدول الأفريقية التي أخذت في الآونة الأخيرة أبعاداً خطيرة نتيجة ارتفاع خدمة الدين بشكل كبير.