
قد تشاهد فيلمًا في السينما فتصبح مغرمًا بالبطل، وفي مبارايات كرة القدم تغدو متيمًا بلاعبٍ ما، لكن أن تصير مولعًا بمذيع نشرة الأخبار فهذا أمر نادر الحدوث لا سيما في القرن الواحد والعشرين، الذي اندثرت فيه أهمية التلفاز إلى حدٍ كبير، بل ولم يعد له مريدين إلا أصحاب الفكر المستنير من الجيل القديم “جيل الدقة القديمة”.
أما عن ماسبيرو، هذا الكيان الذي أصبح كالرجل الذي فرضوا عليه الشيخوخة والعجز افتراءً وبهتانًا، فما زال يحاول رغم قلة إمكانياته أن يكمل المجد المعهود عليه، وأن يستمر في نسج خيوط التاريخ بواسطة أبنائه الذين صانوا له العهد، وحفظوا له الجميل، وقد انتخلت اليوم واصطفيت إحدى مذيعاته، التي جعلت البر والأمانة أساسًا لعلاقتها بماسبيرو.
دينا قنديل، أو كما تحب أن تُنادى “دينا فؤاد قنديل” فهي ابنة الروائي الكبير فؤاد قنديل، ويبدوا أنها أقسمت على أن يستمر نجاح أبيها حتى بعد وفاته، فعندما تراها تشعر للوهلة الأولى أنك عدت لعصر ماسبيرو الذهبي، فقد قدمت البرامج الثقافية، وأعطت للشأن الثقافي المصري الكثير من المهنية لا سيما في برنامجها السابق هذه ليلتي، وما يثير الإعجاب حقـًا أن تقديمها لذلك البرنامج الثقافي يختلف بشكل جلي وواضح عن تقديمها لبرنامج آخر كـ صباح الخير يا مصر، وقد تتفاجأ عندما ترى الفرق الكبير في الأسلوب هنا وهناك، مما يدل على امتلاكها للتنوع الذي وظفته في جُلِّ البرامج التي عملت بها.
إن ما يميز دينا قنديل حقًا أنها لم تتخذ أشعارًا واهية لتحصر نفسها في إتجاه معين، بل أجادت العمل ببراعة في كافة الاتجاهات، ففي نشرة الأخبار تشعر وكأنك تشاهد مذيعة أخرى غير التي اعتدت عليها في برامج التوك شو، فتجيد فهم الخبر، وتؤديه بشكل سليم حتى يشعر المتلقي أنها تعيش الحدث بنفسها، على عكس من يؤدون الخبر بشكل عشوائي ليلحقوا موعدًا للعشـاء، نبرات صوتها التي تعكس ثقتها بنفسها وإتزانها، كل هذا وأكثر جعل منها مذيعة جديرة بأن تكون سفيرة لماسبيرو في ميدان العمل الإعلامي، وهذا يؤكد على أن ماسبيرو يحتاج فقط إلى نظرة رعاية حتى يعود رائدًا للإعلام العربي كما كـان، فدينا مذيعة متميزة من ضمن كتيبة مذيعين متميزين يحويهم مبنى ماسبيرو.