إن قهر المرأة في مجتمعنا، أصبح وكأنه أمرًا إلزاميًا على كل رجل عتيد، فكثيرًا ما نسمع عن قصص الطرد والعنف والتشريد، حتى اعتدنا سماع تلك القصص دون أن نحرك ساكنًا، وقد أدبر العدل وتولى من دنيانا منذ أن مات فاروق الأمة عمر، وغدت المعضلات والمشكلات تحل بالحنكة والحصافة، أنت تتنازل عن جزء من حقك، وأنا في المقابل أتنازل عن نفس الجزء، لينتهي المأزق وتعود الحياة كما كانت.
والحقيقة التي لا تدع مجال للشك، أن القانون المصري قد أنصف المرأة إنصاف الكرام، وأمّنها من جور الرجل وبطشه، لاسيما المرأة المطلقة الحاضنة والتي تمتعت بالكثير من الحقوق.
أما عن المرأة المطلقة غير الحاضنة، أو التي لديها أبناء سنهم أكبر من الحد الأقصى لسن الحضانة، وإن كانت قد حصلت على جزء من حقها، فإن شعور القهر والحسرة مازال يعتريها، لأنها في أغلب الأحيان قد تكون مطرودة ومنبوذة ومشردة، مهما تظاهرت بالكبرياء والشكيمة فثمة جرح غائر في قلبها لم يندمل بعد، جرح من الصعب أن يبرأ بطبيب، أو أن يُمحى بجلسة في محكمة الأسرة، قد تكون بلغت من العمر ما يجعلها تعزف عن حياة زوجية أخرى، وتركت ورائها الأبناء الراشدين، وبيتٌ معمور بفضل كدها وعنائها، وباتت كآلة عتيقة لا تتماشى مع ظروف العصر الراهن، فذلك الطاغية ذو القلب المتحجر الذي هانت عليه رفيقة الروح وتناسى ذكريات السنين، واستغل وهنها وعجزها فطردها بعد أن سلب حقوقها الإرثية، لن تلجمه نفقة أو قائمة منقولات، بل يحتاج إلى عقاب سرمدي دائم، عقاب ينتصر القانون به لكل امرأة مقهورة مثلها، فجل النساء اللّواتي طُلقن في سن الكهولة لا يعرفن غير بيت الزوجية سبيل، وفي كثير من الأحيان يصبحن بلا مأوى ومستقر، ولا يمتلكن المال الكافي الذي يساعدهن على العيش الكريم؛ لذلك اقترح أن يتم استحداث مادة بالقانون، تلزم الزوج بدفع مبلغ مالي للمرأة المطلقة كأجر نتيجة لعملها في المنزل وتربيتها للأبناء في فترة ما قبل الطلاق، على أن تكون السنة الواحدة بمقدار مائة ألف جنيه مصري فيما فوق، وبهذا ستكون المرأة قد انتصرت بعض الشيء أمام هذا الطغيان والعتو، وأصبحت محمية مصانة من الإهمال والتغافل والاستبداد، بهذا القانون ستكون المرأة سيدة قرارها ومالها، وستسود الحرية العادلة البعيدة عن حياة الانقياد والخنوع، حرية مرادها العدل والإنصاف وخلق جيل لا يستسلم ولا يمتثل إلا لهويته.