
سيد الدكروري
استضافت الجامعة الأمريكية بالقاهرة الجلسة الأولى من سلسلة المائدة المستديرة الإعلامية “ما وراء الأحداث”، بحضور نخبة من الخبراء الأكاديميين والباحثين المتخصصين، لمناقشة التأثيرات العالمية المتوقعة للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. جاءت الفعالية بعنوان “الرئيس الأمريكي القادم: ماذا يعني ذلك للشرق الأوسط وأفريقيا ومستقبل المنطقة”، وسلطت الضوء على أبرز القضايا التي قد تتأثر بالسياسات الأمريكية بعد الانتخابات.
أبرز المشاركين وآراءهم حول القضايا الإقليمية:
شارك في الجلسة مجموعة من الأكاديميين المتخصصين في العلاقات الدولية والشؤون السياسية الأمريكية، منهم الدكتور بهجت قرني، مؤسس وأول مدير لمنتدى الجامعة الأمريكية وأستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، الذي سلط الضوء على أن الانتخابات المقبلة تشهد تنافساً قوياً وأن الفائز قد يحسم النتيجة بفارق بسيط. وأضاف قرني، أن تأثير الانتخابات الأمريكية على الشرق الأوسط لا يتعلق بالفائز فقط، بل بأسلوب التعامل مع ملفات حساسة مثل إسرائيل وإيران. مشيرًا إلى أنه رغم التباين في استراتيجيات المرشحين، لا يتوقع اختلافات جوهرية في مواقفهم تجاه قضايا المنطقة، وأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط غالباً ما تكون ثابتة بغض النظر عن الحزب الحاكم.
وفيما يخص الأوضاع في غزة، أشار قرني إلى أن الأوضاع الإنسانية والسياسية في القطاع تشير إلى تحديات مستقبلية، قائلاً إن عملية إعادة الإعمار قد تستغرق عقوداً بناءً على التقديرات الحالية، لكنه أعرب عن تفاؤله الحذر بأن الأزمات قد تؤدي إلى تحولات إيجابية، مضيفاً: “قد تكون الأزمة العربية الحالية نقطة تحول نحو يقظة جديدة في المنطقة”.
التغيرات المحتملة في السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا:
وفيما يخص السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا، تحدث الدكتور مارك ديتس، مدير مركز الأمير الوليد بن طلال للدراسات الأمريكية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، موضحًا أنه لا يتوقع تغييرات جوهرية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القارة، خاصة في ملفات ساخنة كالسودان وإثيوبيا. وأضاف ديتس أن السياسة الأمريكية تجاه أفريقيا ترتبط بالاستراتيجية العالمية للولايات المتحدة، وأنه في ظل تصاعد النفوذ الروسي والصيني في القارة، قد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة إلى تكثيف جهودها، لاسيما في ملف مياه النيل، الذي قد يصبح أكثر أهمية إذا تزايدت المنافسة الدولية في المنطقة.
التحديات المتصاعدة في لبنان واستراتيجيات المقاومة:
من جانبه، قدم الدكتور شون لي، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بالجامعة، تحليلاً للأوضاع في لبنان، مشيرًا إلى أن قوة حزب الله تتضاءل مع مرور الوقت، وأن إسرائيل تستمر في تعزيز حضورها العسكري على الحدود اللبنانية. ومع ذلك، أبدى شون شكوكه حول إمكانية القضاء التام على حزب الله كقوة عسكرية أو سياسية، قائلاً إن ذلك قد يولد نوعًا جديدًا من المقاومة من قبل الشعب اللبناني إذا استمر الاحتلال في جنوب لبنان.
الموقف العربي بين التفاؤل والتشاؤم:
من جهة أخرى، قدّم السفير كريم حجاج، الأستاذ الممارس بكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة في الجامعة، رؤيته من منظور دبلوماسي، موضحاً أن النظر إلى نتائج الانتخابات الأمريكية لا يجب أن يكون بتفاؤل مفرط أو تشاؤم مفرط. وأشار حجاج إلى أن دول الشرق الأوسط بحاجة إلى التحلي بالمرونة والواقعية، وتبني استراتيجيات استباقية للتعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية في المنطقة، بعيداً عن الاعتماد الكامل على المواقف الأمريكية.
مستقبل الشرق الأوسط وأفريقيا في ظل المتغيرات العالمية:
أدارت النقاش الإعلامية رندا أبو العزم، مديرة مكتب قناة العربية في القاهرة، وحرصت على تسليط الضوء على تباين آراء المشاركين حول التأثيرات المتوقعة للانتخابات الأمريكية المقبلة. وقد اختتمت الجلسة بتأكيد الحضور على أهمية استعداد الدول العربية والأفريقية لمواكبة المتغيرات الدولية، ودورها في التكيف مع النتائج المحتملة للسياسات الأمريكية المستقبلية، سواء على صعيد السياسة الخارجية أو على مستوى التحديات الأمنية والاقتصادية في المنطقة.
تعتبر سلسلة “ما وراء الأحداث” خطوة هامة في تعزيز الحوار الأكاديمي والإعلامي حول القضايا الإقليمية والعالمية، مما يسهم في رفع مستوى الوعي وتعزيز الفهم المتبادل بين الباحثين وصناع القرار والجمهور.