
عبدالرحيم عبدالباري
“تطور طبي: معهد القلب القومي يقود تقنية زراعة الصمام الأورطي بالقسطرة”
شهدت تقنية زراعة الصمام الأورطي بالقسطرة (TAVI) تطورًا كبيرًا منذ ظهورها الأول عالميًا عام 2002، حيث أصبحت بديلًا آمنًا وفعالًا لعلاج مرضى ضيق الصمام الأورطي، خاصة كبار السن، ويُعد معهد القلب القومي بمصر أحد أبرز المراكز الطبية الإقليمية التي تبنت هذه التقنية، حيث أجرى أول عملية من هذا النوع عام 2012، لتصبح اليوم إحدى الخدمات الطبية الرائدة رغم تحديات التكلفة العالية.
ظهرت تقنية زراعة الصمام الأورطي بالقسطرة عالميًا عام 2002 على يد الطبيب الفرنسي ألان كريبير، لكنها استندت إلى أبحاث بدأت أواخر الثمانينيات بقيادة الطبيب الدنماركي هيلينج أندرسون، الذي اختبرها أولًا على الحيوانات، مما مهد الطريق لتطبيقها سريريًا.
تُستخدم التقنية لعلاج كبار السن المصابين بضيق الصمام الأورطي، خاصةً من يعانون من خطورة عالية مع الجراحة التقليدية، يتم الإجراء عبر فتحة صغيرة أعلى الساق ودون تخدير كلي، ما يقلل فترة التعافي ويتيح مغادرة المريض المستشفى خلال يومين فقط.
وفي عام 2012، أجرى معهد القلب القومي أول عملية زراعة للصمام الأورطي بالقسطرة، بقيادة الأستاذ الدكتور عادل البنا، ورغم أن التقنية كانت خارج نطاق التأمين الصحي حينها، تم تمويل العمليات الأولى عبر التبرعات بتكلفة تجاوزت 400 ألف جنيه للحالة.
حيث شهد عام 2022 إعادة إحياء المشروع على يد الدكتور محمد عبد الهادي، عميد المعهد الحالي، بدعم الهيئة العامة للمستشفيات، تمت تغطية التكلفة العالية البالغة 800 ألف جنيه لكل مريض بالكامل، مع توفير تدريب مكثف للكوادر الطبية.
تم تشكيل ثلاث فرق طبية بقيادة خبراء مصريين، منهم الدكتور ماجد رمسيس والدكتور أحمد حسنين، خضعت الفرق لتدريب مكثف على يد خبراء محليين وأجانب، مما أتاح إجراء العمليات بشكل مستقل بعد الحصول على التراخيص اللازمة.
تولى خبراء مصريون وأجانب، مثل الطبيب البولندي مايكل زيمبالا، تدريب الفرق الطبية، شملت الفرق أطباء من مختلف تخصصات القسطرة التداخلية، ما ساهم في تعزيز الكفاءة وتوفير الخبرة اللازمة لإجراء العمليات بنجاح.
ساهمت الفرق الطبية المدربة في نقل التقنية إلى مستشفيات أخرى مثل مستشفى الأحرار التعليمي وشبين الكوم التعليمي، وقد أُجريت أول حالة بهذه التقنية في منطقة الدلتا بمستشفى الأحرار.
تمكن معهد القلب القومي وفريقه الطبي من إجراء 100 حالة زراعة صمام أورطي بالقسطرة حتى الآن، ليصبح مركزًا إقليميًا رائدًا في هذا المجال، مع الاستمرار في تدريب الكوادر الجديدة لضمان استمرارية العطاء.
تواجه التقنية تحديات كبيرة بسبب التكلفة المرتفعة للصمامات المستخدمة، التي تشكل عبئًا على الموارد المتاحة. ورغم ذلك، يواصل معهد القلب جهوده لتوفير هذه الخدمة مجانًا للمرضى الأكثر احتياجًا.
يسعى معهد القلب القومي للحفاظ على ريادته من خلال البحث المستمر عن دعم مادي وتقني، ويُعد استمرارية المشروع مؤشرًا على التزام المعهد بتقديم أفضل الخدمات الصحية للمصريين.
ساهمت التبرعات والمبادرات المجتمعية في دعم المشروع، مما يعكس أهمية التعاون بين المؤسسات الحكومية والخاصة لضمان توفير تقنيات حديثة لإنقاذ الأرواح.
كما يمثل معهد القلب القومي نموذجًا للريادة الطبية في مصر، حيث يجمع بين الابتكار والتدريب المستمر لتقديم خدمات صحية متميزة للمواطنين.
وجدير بالذكر، أن رغم التحديات المادية والتقنية، يواصل معهد القلب القومي جهوده لتطوير خدمات زراعة الصمام الأورطي بالقسطرة، يبقى الأمل معقودًا على دعم المجتمع لتوفير الإمكانيات اللازمة لضمان مستقبل مشرق في علاج أمراض القلب.