
عبدالرحيم عبدالباري
بالصور … تعزيز سلامة المرضى: ورشة تدريبية لقادة الرعاية الصحية في مصر
في خطوة تعكس التزام الحكومة المصرية بتطوير منظومة الرعاية الصحية، نظمت وزارة الصحة والسكان ورشة عمل تدريبية تستهدف رؤساء القطاعات ووكلاء الوزارة بالمحافظات، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، تهدف هذه الورشة إلى ترسيخ سياسات سلامة المرضى وتعزيز قدرات القادة الصحيين، بما يضمن تقديم رعاية آمنة وعالية الجودة، ويأتي هذا التدريب ضمن الجهود المستمرة لتحديث استراتيجيات السلامة، بما يواكب المعايير العالمية، ويعزز ثقة المواطنين في الخدمات الطبية المقدمة.
ركزت الورشة التدريبية على ترسيخ المبادئ الأساسية لسلامة المرضى بين مديري المديريات الصحية، حيث تم استعراض السياسات الوطنية المتبعة في هذا المجال، وسعت الورشة إلى تمكين القادة الصحيين من المهارات والمعرفة اللازمة لتحسين بروتوكولات السلامة، مع التأكيد على أهمية اعتبارها أولوية مؤسسية، مما يسهم في تقديم خدمات صحية أكثر أمانًا وفاعلية.
من الجوانب المهمة التي تناولها التدريب هو تعريف المشاركين بمفاهيم التفكير المنهجي، الذي يعتمد على تحليل المخاطر واتخاذ التدابير الوقائية المناسبة، كما تم التطرق إلى أهمية توفير بيئة آمنة للمرضى، من خلال تطبيق إجراءات دقيقة تضمن تقليل الأخطاء الطبية وتعزيز الثقة في النظام الصحي.
تم تسليط الضوء على الدور المحوري للقادة في تحسين بيئة العمل الطبي، من خلال تطوير السياسات، وتخصيص الموارد بشكل فعال، بالإضافة إلى تشجيع ثقافة تواصل مفتوحة بين الفرق الطبية، فوجود قيادة واعية تدعم سلامة المرضى يضمن تعزيز الأداء العام لمؤسسات الرعاية الصحية، مما ينعكس إيجابيًا على جودة الخدمات المقدمة.
شهدت الورشة تنفيذ تدريب عملي على “الجولات القيادية الميدانية”، وهي آلية تهدف إلى تعزيز التفاعل بين القادة والفرق الطبية، وتحديد المخاطر المحتملة، وإظهار التزام القيادة بتحقيق معايير السلامة، كما تم تقديم شرح للقانون المصري للمسؤولية الطبية، ودوره في دعم إدارات السلامة وضمان تقديم خدمات صحية وفق المعايير المطلوبة.
اعتمدت الورشة على نهج التعلم المدمج، الذي يجمع بين المحاضرات والمناقشات التفاعلية، ودراسات الحالة والأنشطة الجماعية، وتم تقديم أمثلة واقعية لتحفيز المشاركين على تطبيق المفاهيم التي تم استعراضها في مؤسساتهم، مما يعزز من كفاءة الأداء داخل المنشآت الصحية.
أكد الدكتور محمد حساني، مساعد وزير الصحة، على أهمية وضع خطة عمل شخصية لكل قيادة صحية، تتضمن دمج مبادئ السلامة في العمليات اليومية واتخاذ القرارات المستندة إلى الأدلة، كما تم التشديد على ضرورة وضع جدول زمني لتنفيذ الاستراتيجيات، إلى جانب إنشاء منصة للحوار المستمر حول ممارسات السلامة وتحديد أدوار واضحة داخل اللجان المختصة.
تم التأكيد خلال الورشة على أهمية تنظيم دورات متابعة دورية، وتوفير فرص للتطوير المهني المستمر، لضمان تحسين الأداء ورفع مستوى الوعي بأهمية سلامة المرضى، كما تمت الإشارة إلى ضرورة تطوير إطار قوي لمراقبة وتقييم فاعلية الاستراتيجيات المنفذة، بما يضمن استدامة التحسينات في هذا المجال الحيوي.
استعرضت الدكتورة مروة السيد، مدير عام الإدارة العامة لسلامة المرضى، الهيكل التنظيمي لإدارتها، مشيرةً إلى الأهداف الاستراتيجية التي تشمل تطوير السياسات والإجراءات المتعلقة بسلامة المرضى، وتعزيز برامج براءات الاختراع، وإنشاء نظام متكامل للإبلاغ عن الأحداث السلبية والأخطاء الطبية، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية.
تمت مناقشة مسؤوليات الإدارات المختصة في المديريات الصحية، والتي تتضمن مراقبة وتحليل الأحداث السلبية، وإجراء البحوث العلمية، ومتابعة جودة الرعاية الصحية، بالإضافة إلى إدارة الشكاوى والمخاطر المتعلقة بسلامة المرضى، كما تم التأكيد على أهمية الدعم الفني للاعتماد، وتطوير سياسات وإجراءات مستدامة لضمان تطبيق معايير السلامة بكفاءة.
تم استعراض القوانين المصرية المتعلقة بالمسؤولية الطبية وسلامة المرضى، مع التركيز على أهمية ضمان توافق جميع المبادرات مع الأطر القانونية المعتمدة، كما تم التشديد على تعزيز ثقافة “عدم اللوم”، التي تشجع على الإبلاغ عن الحوادث بهدف التعلم وتحسين الأداء، بدلًا من التركيز على العقوبات، مما يسهم في بناء بيئة صحية أكثر شفافية وأمانًا.
ركزت الورشة على أهمية مراقبة وتحسين تجربة المرضى، من خلال الاستماع إلى آرائهم والعمل على تطوير الخدمات المقدمة لهم، فالتفاعل الإيجابي مع المرضى والاستجابة السريعة لمخاوفهم يلعب دورًا أساسيًا في بناء ثقة المجتمع في النظام الصحي، ويضمن تحقيق رضا المرضى وتحسين سمعة المؤسسات الطبية.
تمثل هذه الورشة خطوة مهمة نحو تحقيق نظام صحي أكثر أمانًا واستدامة، من خلال تأهيل القادة الصحيين وتعزيز ثقافة سلامة المرضى، إن تبني سياسات فعالة في هذا المجال، وتوفير بيئة عمل داعمة ومراقبة مستمرة للجودة، سيسهم في تقديم خدمات طبية تلبي تطلعات المواطنين، وتضمن لهم رعاية صحية ذات مستوى عالمي.