
عبدالرحيم عبدالباري
تعد الجلوكوما (المياه الزرقاء) أحد أخطر أمراض العيون التي تهدد بفقدان البصر إذا لم يتم اكتشافها وعلاجها مبكرًا، مما يجعل جهود الكشف المبكر والتدخل العلاجي أمرًا بالغ الأهمية. في إطار المبادرة الوطنية للكشف المبكر عن الجلوكوما، استضاف مستشفى رمد إمبابة البروفيسور طارق شعراوي، رئيس الجمعية الدولية لجراحات الجلوكوما وأستاذ طب وجراحة العيون بجامعة جنيف السويسرية، وذلك لإجراء عمليات جراحية متقدمة بالمجان والإشراف على تدريب الأطباء المصريين، تعكس هذه الخطوة التزام وزارة الصحة بتحسين الرعاية الصحية من خلال تبادل الخبرات مع كبار المتخصصين عالميًا.
أكد الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، وذلك من خلال استقدام الخبراء الأجانب لمناظرة المرضى مجانًا داخل مستشفيات وزارة الصحة، هذه الخطوة لا تقتصر على تقديم العلاج فقط، بل تمتد إلى تعزيز التعليم الطبي المستمر عبر نقل الخبرات العالمية إلى الأطباء المصريين. كما أوضح أن الوزارة تعمل على تيسير إجراءات استضافة الخبراء الدوليين، بهدف دعم المنظومة الصحية بأحدث التقنيات العلاجية، وتحقيق أعلى معدلات النجاح في التدخلات الجراحية المتقدمة.
قام الدكتور طارق شعراوي، خلال زيارته لمستشفى رمد إمبابة، بإجراء ست عمليات جراحية دقيقة لمرضى الجلوكوما، مستخدمًا أحدث التقنيات الطبية المتاحة عالميًا. هذه العمليات لم تكن مجرد علاج للحالات المرضية، بل مثلت فرصة للأطباء المصريين للاطلاع على الأساليب الجراحية الأكثر تطورًا في علاج المياه الزرقاء، تأتي هذه الجهود في إطار رفع كفاءة الأطقم الطبية وتحسين مستوى التدخلات الجراحية التي تُجرى داخل المستشفيات الحكومية، مما ينعكس إيجابيًا على جودة الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين.
لم تقتصر زيارة الدكتور شعراوي على إجراء الجراحات، بل تضمنت برنامجًا تدريبيًا مكثفًا للأطباء المصريين، حيث قدم محاضرة شاملة حول أحدث المستجدات العالمية في علاج الجلوكوما، إضافةً إلى جلسات عملية للتدريب على أحدث التقنيات الجراحية، هذا النوع من التدريب يمثل نقلة نوعية في تحسين مهارات الفرق الطبية، حيث يتيح لهم فرصة التعلم المباشر من الخبراء الدوليين، مما يسهم في تحسين مستوى الرعاية الطبية ويضمن تقديم خدمات علاجية تتماشى مع المعايير العالمية.
الكشف المبكر عن المياه الزرقاء يعد من أهم الخطوات التي تساعد في الحد من انتشار المرض وتقليل نسبة فقدان البصر المرتبط به، المبادرة الوطنية للكشف المبكر عن الجلوكوما تهدف إلى توعية المواطنين بأهمية الفحوصات الدورية للعين، وتوفير إمكانيات الكشف والعلاج في مراحل المرض الأولى، مثل هذه الجهود تساهم في حماية المرضى من المضاعفات الحادة، وتقلل من الضغط على المستشفيات عبر تقديم الرعاية الصحية المناسبة في الوقت المناسب.
تعكس هذه المبادرات مدى اهتمام الدولة بتطوير القطاع الصحي، لا سيما في مجال طب العيون الذي يشهد تطورًا مستمرًا. استضافة كبار الخبراء العالميين، مثل الدكتور طارق شعراوي، يعزز مكانة مصر كمركز طبي متقدم في المنطقة، ويساهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، مع استمرار مثل هذه المبادرات، من المتوقع أن تشهد مصر تحسنًا كبيرًا في علاج أمراض العيون، مما يسهم في خفض معدلات فقدان البصر وتحقيق جودة حياة أفضل للمرضى.
تمثل المبادرة الوطنية للكشف المبكر عن الجلوكوما خطوة رائدة في مجال الرعاية الصحية، حيث تجمع بين تقديم العلاج المجاني للمرضى، وتدريب الأطباء، وتطوير المهارات الجراحية باستخدام أحدث التقنيات الطبية، إن استمرار مثل هذه الجهود من شأنه أن يضع مصر في موقع ريادي في مجال مكافحة أمراض العيون، ويضمن تقديم رعاية طبية متكاملة ذات جودة عالمية، ما يعزز من صحة المواطنين ويحميهم من مخاطر فقدان البصر.