
حسين السمنودي
في إطار توجه وزارة الأوقاف المصرية نحو دعم وتفعيل المشاركة النسائية في العمل الدعوي، واستكمالًا لجهودها في نشر الفكر الوسطي ومواجهة الظواهر السلبية في المجتمع، عقد الدكتور خالد صلاح الدين، مدير مديرية أوقاف القاهرة، صباح الاثنين 7 أبريل 2025، اجتماعًا موسعًا مع مجموعة من واعظات الأوقاف العاملات في نطاق محافظة القاهرة، وذلك بمقر المديرية، لمناقشة خطة العمل الدعوي خلال المرحلة المقبلة.
والاجتماع جاء تتويجًا لرؤية وزارة الأوقاف في تمكين المرأة داخل الحقل الدعوي، باعتبارها شريكًا رئيسيًا في عملية التوعية المجتمعية ونشر الخطاب الديني المستنير. وقد أكد الدكتور خالد صلاح، في كلمته خلال اللقاء، أن الواعظة لم تعد مجرّد داعية بل أصبحت عنوانًا للرقي والفهم العميق لقضايا المجتمع، وصاحبة دور محوري في التصدي للعديد من الظواهر السلبية، مثل العنف الأسري، والتفكك الأسري، والإدمان، والختان، والتمييز ضد المرأة، وغيرها من المشكلات التي تحتاج إلى كلمة هادئة وموعظة حكيمة.
وأوضح سيادته أن وزارة الأوقاف بقيادة معالي الدكتور أسامة الأزهري أولت هذا الملف عناية خاصة، ففتحت المجال أمام المرأة لتكون على قدم المساواة في تحمل المسؤولية الدعوية، ودمجها في القوافل الدينية، والندوات الجماهيرية، والفعاليات المجتمعية، إيمانًا بأن المرأة الواعية المثقفة قادرة على بناء وعي الأجيال، وتشكيل ضمير مجتمعي حيّ.
وناقش الاجتماع محاور خطة دعوية جديدة سيتم تطبيقها بدءًا من الشهر الجاري، تتضمن توزيعًا منظمًا للواعظات على الإدارات التابعة لمديرية أوقاف القاهرة، وتكثيف مشاركتهن في الفعاليات الميدانية، سواء داخل المؤسسات التعليمية، أو مراكز الرعاية، أو السجون، أو مراكز علاج الإدمان، وكذلك التعاون مع الوزارات المختلفة كوزارة الصحة، والتضامن، والشباب، لتفعيل خطاب ديني مجتمعي يخاطب الناس في واقعهم، ويعالج التحديات بصورة منهجية.
كما تناول الاجتماع ضرورة تعزيز حضور الواعظة في وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، للتفاعل مع الجمهور، والإجابة عن التساؤلات المعاصرة، وتقديم محتوى دعوي راقٍ ومؤثر في الأجيال الشابة.
ورغم أن كثيرًا من الواعظات يقمن بجهودهن على أساس تطوعي، إلا أن الدكتور خالد صلاح أكد أن هذا العمل لا يقل في أهميته عن أي عمل رسمي، لأنه نابع من إيمان داخلي بالرسالة، واستعداد دائم للعطاء، مشيرًا إلى أن وزارة الأوقاف تسعى جديًا لتكريم هذه النماذج المضيئة، ودعمهن معنويًا وإداريًا، وتوفير التدريب والتأهيل المستمر لرفع كفاءتهن في التعامل مع القضايا المستجدة.
وفي ختام الاجتماع، وجّه مدير مديرية أوقاف القاهرة تحية تقدير لجهود واعظات المديرية، مؤكدًا أن القاهرة كانت دائمًا صاحبة الريادة في كل جديد، وأن الواعظات أثبتن حضورًا قويًا وتأثيرًا ملموسًا خلال مشاركتهن في المبادرات المجتمعية الكبرى، وعلى رأسها حملات التوعية بمخاطر الإدمان، وحماية الأسرة، والتثقيف الصحي، وقضايا العنف ضد المرأة، والاهتمام بالصحة النفسية للأطفال.
وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد دعمًا أكبر، وتنسيقًا أوسع بين مديرية أوقاف القاهرة والجهات التنفيذية، لضمان وصول الواعظة إلى كل بيت وكل شارع وكل مدرسة، لتأدية رسالتها بروح الحب والمسؤولية والانتماء.
من جانبهن، أعربت عدد من الواعظات المشاركات في الاجتماع عن سعادتهن بما لمسنه من اهتمام حقيقي بدور المرأة في العمل الدعوي، مشيرات إلى أن هذه الخطوات تعكس نقلة نوعية في التفكير المؤسسي داخل وزارة الأوقاف.
وأكدن جميعهن على أن اللقاء حمل روحًا إيجابية ودافعًا كبيرًا لمواصلة العمل، وقلن: “نحن لا ننتظر مقابلاً ماديًا، بل نعمل من أجل الله ومن أجل وطننا، ونشعر بالفخر لكوننا جزءًا من مشروع دعوي وطني يحترم عقل المرأة ويثق في قدراتها.”
وأضفن أن “الوزارة وفرت لنا تدريبات متنوعة سواء في الخطابة، أو فنون التواصل، أو معالجة القضايا المجتمعية من منظور ديني معتدل. نحصل بشكل منتظم على دورات وورش عمل تساعدنا على تطوير أدائنا، والتفاعل مع الجمهور بطريقة فعالة ومؤثرة.”
و: “في السابق، كان يُنظر إلى الدعوة النسائية على أنها عمل هامشي، أما اليوم فنحن في قلب الأحداث، نشارك في القوافل، ونتحدث في الندوات، ونذهب إلى المدارس والمستشفيات والسجون، ونشعر أن هناك تقديرًا ودعمًا حقيقيًا لجهودنا.”
وجدير بالذكر أن وزارة الأوقاف قد أطلقت خلال العامين الماضيين عددًا من البرامج التدريبية المتخصصة للواعظات، بالتعاون مع أكاديمية الأوقاف لتدريب الأئمة والواعظات، حيث تتلقى الواعظة تأهيلاً علميًا وثقافيًا يشمل قضايا فقه المرأة، والرد على الشبهات، وفنون الحوار، وطرق التعامل مع الفئات المختلفة، بما يضمن أداءً دعويًا عصريًا ومؤثرًا.
وتعمل الوزارة حاليًا على إدماج مزيد من الواعظات في مبادرات وطنية كبرى، مثل “مودة”، و”أنتِ أقوى”، و”لا للعنف”، في إطار تعاونها مع المجلس القومي للمرأة، ووزارة التضامن الاجتماعي، ووزارة التربية والتعليم.
هذا الحراك النشط يعكس إيمان الدولة المصرية بدور المرأة الواعية في بناء وطن متماسك، قادر على مواجهة التحديات، وتعزيز القيم الروحية والوطنية في نفوس المواطنين.
وفي النهاية ستظل أوقاف القاهرة النور الذي يضئ طريق السالكين بما تقدمه من علم وعلماء وواعظات جديرات يخدمن البلاد والعباد .