
عبدالرحيم عبدالباري
قصر العيني يحصل على اعتماد دولي في علاج قصور عضلة القلب
في إنجاز طبي جديد يعكس التميز والريادة لمؤسسات التعليم الطبي في مصر، حصل قسم القلب والأوعية الدموية بكلية طب قصر العيني – جامعة القاهرة على اعتماد جمعية قصور عضلة القلب الأوروبية (HFA) التابعة للجمعية الأوروبية لأمراض القلب (ESC) كمركز معتمد ومتخصص في جودة رعاية مرضى قصور عضلة القلب. يمثل هذا الحدث نقلة نوعية في مستوى تقديم الرعاية الصحية، ويعزز من مكانة مصر على خارطة الطب العالمي.
حصول قسم القلب على هذا الاعتماد الأوروبي لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة عمل دؤوب استمر على مدار عام كامل، شارك فيه نخبة من الأطباء والقيادات الطبية في الكلية. وقد لعب الأستاذ الدكتور حسام صلاح مراد، عميد كلية طب قصر العيني، دورًا محوريًا في دعم هذا المشروع، من خلال إشرافه المباشر ومتابعته الحثيثة للإجراءات اللازمة. هذا الدعم الإداري والعلمي يعكس رؤية شاملة لتطوير البنية التحتية والخدمات المقدمة داخل أقسام المستشفى، وتحديدًا في التخصصات الدقيقة كأمراض القلب التي تتطلب مستويات عالية من الخبرة والتجهيز.
يشكل هذا الاعتماد اعترافًا دوليًا بكفاءة الخدمات المقدمة داخل قصر العيني، خاصة في مجال رعاية مرضى قصور عضلة القلب، وهو مرض يعاني منه ما يقرب من 2% من السكان ويُعد من الأمراض المزمنة الأكثر شيوعًا. وبدخول مصر إلى قائمة الدول الـ14 المعتمدة من قبل الجمعية الأوروبية، فإنها تفتح أبواب التعاون العلمي مع كبرى المراكز الطبية في أوروبا والعالم، بما يسمح بتبادل الخبرات، والانخراط في الأبحاث المشتركة، وتطوير أساليب التشخيص والعلاج بما يواكب أحدث المستجدات الطبية عالميًا.
ويُذكر أن هذا الاعتماد جاء تتويجًا لجهود قيادة قسم القلب الحالية برئاسة الأستاذ الدكتور هشام صلاح الدين، الذي استكمل مسيرة العطاء والتميز التي بدأها الأستاذ الدكتور مجدي عبد الحميد، أحد أعلام طب القلب في مصر والمنطقة، وعضو الجمعية الأوروبية لأمراض القلب. الدكتور عبد الحميد كان له الدور الأساسي في إعداد ملف الاعتماد، وقيادة فريق العمل المعني بذلك. وقد ضم الفريق نخبة من الأطباء الشباب المتميزين الذين بذلوا جهدًا كبيرًا في تحقيق هذا الهدف، ما يعكس روح التعاون وتكامل الأجيال في قصر العيني.
هذا الإنجاز لم ينعكس فقط على الجانب العلاجي، بل يُعد أيضًا رافدًا مهمًا للعمل الأكاديمي والبحثي في كلية الطب بجامعة القاهرة. فمن خلال هذا الاعتماد، سيتمكن القسم من المشاركة بفعالية أكبر في الدراسات السريرية المتقدمة التي تجريها الجمعية الأوروبية، وسيتاح لطلاب الدراسات العليا والباحثين فرص أوسع للتدريب في بيئة علمية دولية، ما يسهم في رفع كفاءة الأطباء المصريين، ويعزز من فرص الابتكار في مجالات العلاج والرعاية الطبية.
الجمعية الأوروبية لأمراض القلب التي منحت هذا الاعتماد هي واحدة من أكبر الهيئات الطبية المتخصصة في العالم، وتضم أكثر من 100,000 عضو بين أطباء وباحثين ومتخصصين في أمراض القلب. تأسست الجمعية عام 1950، وتعمل على نشر التوعية والبحوث المتقدمة وتنظيم المؤتمرات الطبية الرائدة. ويُعد انضمام مصر لهذا الإطار العالمي من خلال قصر العيني، نقطة تحول مهمة تعزز من الاعتراف الدولي بالكفاءات الطبية المصرية، وتؤكد على أن المستشفيات الجامعية المصرية قادرة على المنافسة في مضمار الجودة والتميز.
وقد عبّر الدكتور حسام صلاح، عميد الكلية، عن سعادته البالغة بهذا الإنجاز، مؤكدًا أن ما تحقق هو ثمرة جهد جماعي متكامل، يعكس إيمان الكلية بأهمية دعم الكفاءات، والاستثمار في تطوير البنية التحتية والخدمات العلاجية. كما أشار إلى أن هذا الاعتراف الدولي يعزز من ثقة المواطنين في المؤسسات الصحية الوطنية، ويعكس الصورة الحقيقية لما يمكن تحقيقه عندما تتوفر الإرادة والإدارة العلمية. وأكد أن الكلية ستواصل طريقها نحو التميز، بهدف تحقيق نقلة نوعية في الخدمات الطبية المقدمة للمواطن المصري.
يأتي اعتماد قسم القلب بقصر العيني من الجمعية الأوروبية كدليل واضح على الجهود المبذولة للارتقاء بالخدمة الصحية في مصر، وإبراز الكفاءات الطبية التي تمتلكها البلاد. وهو إنجاز لا يعكس فقط تطور قسم بعينه، بل يعبر عن نهج متكامل في دعم البحث العلمي، وتقديم خدمات طبية بمعايير عالمية، مما يضع قصر العيني في مصاف المراكز الطبية الرائدة إقليميًا وعالميًا.