
عبدالرحيم عبدالباري
“عمرو قنديل” … مصر على خريطة الصحة العالمية: إنجازات قومية في القضاء على الأمراض الفيروسية والتحول الرقمي في التطعيمات
في مشهد صحي مشرق يعكس التزام الدولة المصرية بحماية صحة أبنائها والمقيمين على أرضها، جاءت كلمة الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، خلال مؤتمر البرنامج القومي للتطعيمات، لتكشف عن إنجازات ضخمة وخطوات استراتيجية حاسمة وضعت مصر على الطريق الصحيح نحو تحقيق الهدف الإقليمي للسيطرة على الالتهاب الكبدي الفيروسي “بي”. لم تكن هذه الإنجازات وليدة الصدفة، بل نتيجة عمل دؤوب وتخطيط طويل الأمد، يعكس روح الإبداع والتحول التكنولوجي في مجال الصحة العامة.
اكد الدكتور عمرو قنديل نائب وزير الصحة والسكان، انه منذ عام 1984، بدأت مصر رحلة طويلة في حماية الأطفال والفئات المعرضة للخطر من الأمراض الفيروسية المعدية. لم تقتصر الجهود على المصريين فقط، بل شملت المقيمين من جنسيات أخرى، في إطار رؤية إنسانية شاملة للصحة العامة. وقد بدأت هذه الرحلة بالعمل على القضاء على مرض الكفتيريا والتيتانوس الوليدي، ومواصلة الحفاظ على مصر خالية من مرض شلل الأطفال، وهو إنجاز عظيم يعكس التزاماً وطنياً حقيقياً بخطط الوقاية والإصحاح المجتمعي.
واضاف قنديل، لم تقتصر الاستراتيجية القومية للتطعيمات على توفير اللقاحات فحسب، بل ارتكزت على ترصد وجود الأمراض ورصد اتجاهاتها وتحليلها بطرق علمية دقيقة. كما كان الفحص والتشخيص السريع حجر الأساس في إعاقة انتقال وسريان الأمراض المعدية، في إطار منظومة متكاملة منسقة، تركز على النتائج وتقوم على مبدأ “الوقاية خير من العلاج”، مما يبرز الجهود المبذولة لتطويق العدوى قبل انتشارها في المجتمع.
اوضح قنديل، اعتمدت وزارة الصحة سياسة واضحة قائمة على توفير تطعيمات آمنة وفعالة تتوافق مع المعايير الدولية، وضمان وصولها لكافة الفئات المستهدفة. لم يقتصر الأمر على توفير الطعوم، بل شمل أيضاً توفير المعلومة الدقيقة في الوقت المناسب للحد من التردد المجتمعي تجاه اللقاحات، والعمل على تبديد الشائعات من خلال حملات توعية فعالة، مما ساهم في زيادة نسب التغطية وتحصين المجتمع المصري ضد الأمراض المستهدفة.
وافاد سيادته، عام 2023 شكّل نقطة تحول في تاريخ التطعيمات بمصر، حيث تم إلغاء السجلات الورقية بالكامل والاعتماد على منظومة إلكترونية تربط بيانات المواليد والوفيات، ما أتاح حساب نسب التغطية بشكل دقيق وفوري. هذا التحول الرقمي لم يُسرّع فقط وتيرة العمل، بل زاد من دقته وفعاليته، مما يعكس مواكبة الدولة للتكنولوجيا الحديثة في سبيل رفع كفاءة الخدمة الصحية وتحقيق الشفافية والرقابة المستمرة.
واستكمل، أحد الأعمدة الأساسية لنجاح منظومة التطعيم هو النقل الآمن للطعام والتطعيمات، عبر نظام محكم لسلاسل التبريد يبدأ من مخزنين مركزيين، مرورًا بـ 27 مخزنًا رئيسيًا في المحافظات، وصولًا إلى 286 مخزنًا فرعيًا. هذا النظام يضمن حفظ اللقاحات في ظروف مثالية تحافظ على فاعليتها وجودتها، وتعكس الاستثمار الجاد في البنية التحتية الصحية، وتؤكد قدرة الدولة على إدارة اللقاحات بشكل احترافي وفعّال.
وافاد، في خطوة تبرز التكامل بين الجهات الحكومية، يتم حساب الكميات المطلوبة من اللقاحات وفقًا للمستهدفات السكانية عن طريق هيئة الشراء الموحد، مما يقلل من الهدر ويزيد من كفاءة الإنفاق. وتُقدّر الجرعات السنوية بحوالي 65 مليون جرعة، تشمل التطعيمات الروتينية وتطعيمات المدارس والمسافرين والفريق الطبي والفئات عالية الخطورة، وهو ما يعكس التغطية الشاملة لكافة الفئات العمرية والمجتمعية.
واشار، بدأت مصر إدراج تطعيمات الرضع ضد الالتهاب الكبدي B منذ عام 1992، وهو ما أعقبه تحديثات مهمة مثل استخدام الطعم الخماسي في 2014، وإدراج جرعة الميلاد خلال أول 24 ساعة في 2015، في خطوة حاسمة لمنع انتقال العدوى من الأم إلى الطفل. هذه القرارات تعكس التخطيط العلمي والوعي بخطورة المرض في سنوات الحياة الأولى، وتسعى لحماية الأجيال القادمة من أمراض خطيرة تُشكّل عبئًا صحيًا واقتصاديًا طويل الأمد.
واختتم كلمته، ان كل هذه الإنجازات لم تكن لتتحقق لولا التزامات حكومية واضحة، ودعم الشركاء المحليين والدوليين على حد سواء. فقد تم توفير الموارد المالية والبشرية والخبرة الفنية والدعم اللوجستي اللازم لإنجاح البرنامج القومي للتطعيمات. ومن الجدير بالذكر أن نسب التغطية بتطعيمات الفريق الطبي ومرضى الكلى والالتهاب الكبدي تجاوزت 90%، مما يؤكد التزام الدولة بحماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، في ظل شراكة فعالة وتكامل بين جميع الأطراف المعنية.
جدير بالذكر، ما حققته مصر في مجال التطعيمات ومكافحة الأمراض الفيروسية ليس فقط إنجازًا صحيًا، بل إنعكاس لسياسة دولة تؤمن بأن الوقاية الصحية هي حجر الزاوية في بناء مجتمع قوي وسليم. إن التكامل بين العلم والإدارة، وبين البنية التحتية والتحول الرقمي، وبين الدولة والمجتمع، قد صنع قصة نجاح تستحق أن تُروى كنموذج يحتذى به في المنطقة والعالم.