
عبدالرحيم عبدالباري
انفراد … “.الكفاءة المعيار الأوحد” وزير الصحة يكشف آلية اختيار القيادات
التقييم السنوي… بوابة العدالة الإدارية
في خطوة حاسمة تؤكد على التوجه الإصلاحي الجاد، قي حوار صحفي لجريدة “الغد”، صرح الأستاذ الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، عن بدء تقييم أداء مديري المديريات الصحية بشكل سنوي. هذا التصريح ليس عابرًا، بل يحمل دلالة قوية على تبني الدولة مبدأ الكفاءة كأساس للاستمرار في المواقع القيادية. “من يصلح يبقى ومن لا يصلح يترك المجال لغيره” – بهذه العبارة اختصر الوزير فلسفة واضحة تستهدف إعادة الانضباط الإداري وتحسين الخدمة الصحية المقدمة للمواطنين من خلال اختيار القيادات الجديرة بتحمل المسؤولية.
القيادة بالمعايير لا بالمجاملات
التصريحات الصريحة للوزير تكشف تحوّلًا نوعيًا في الفكر الإداري، حيث لم يعد المنصب مكافأة، بل تكليفاً مشروطًا بالأداء. ومن هنا، فإن التقييم السنوي للمديرين يمثل أداة رقابة داخلية تضمن بقاء الأكفأ واستبعاد المقصر، في وقت لم تعد فيه الخدمات الصحية تحتمل مزيدًا من العشوائية أو ضعف الكفاءة. وهذا يفتح المجال أمام دماء جديدة وأفكار متجددة قادرة على التفاعل مع تحديات العصر الصحي والتقني، بما ينعكس إيجابًا على حياة المواطنين في كل المحافظات.
المنشآت الصحية بين الواقع والتحديث الرقمي
أكد الوزير عبدالغفار في تصريحه، أن الميكنة الشاملة للمنشآت الصحية شرط أساسي ولا غنى عنه قبل أي إدماج لتقنيات الذكاء الاصطناعي في المنظومة الصحية. هذه الرؤية تعكس وعياً تكنولوجياً متقدماً، حيث لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحقق نتائجه المرجوة في بيئة تفتقر إلى البنية الرقمية. فالميكنة ليست رفاهية، بل ضرورة لتحسين جودة البيانات، ودقة التشخيص، وسرعة تقديم الخدمة، وضمان المتابعة الفعالة. إنها المرحلة الأولى لبناء منظومة ذكية تليق بطموحات مصر في مجال الصحة.
لا شك أن دعوة الوزير لميكنة المنشآت وتقييم القيادات تمثل جانبًا من طموح أكبر لصياغة مستقبل صحي حديث في مصر. إلا أن التنفيذ يتطلب مواجهة تحديات واقعية، من توفير بنية تحتية رقمية قوية، وتدريب الكوادر، وتمويل مستدام. ولكن الإرادة السياسية باتت واضحة، والاتجاه العام نحو الحوكمة الرقمية يحظى بدعم متصاعد، ما يمنح هذه الخطوات فرصًا كبيرة للنجاح، ويجعل من الصحة قطاعًا واعدًا ضمن رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
ما بين التقييم الصارم والتحديث التكنولوجي، ترسم وزارة الصحة ملامح مرحلة جديدة أكثر صرامة وشفافية. إنها مرحلة تعيد تعريف الإدارة الصحية بوصفها ميدانًا للكفاءة لا للمجاملة، وساحة للتطوير لا للجمود. وإذا ما استمرت هذه الرؤية في التوسع والتنفيذ، فستتحول منظومة الصحة في مصر من مجرد مرفق خدمي إلى نموذج متكامل للابتكار والعدالة الإدارية في آنٍ واحد.