عبدالرحيم عبدالباري
“تحالف انساني ورسالة سلام تبدء من مستشفى العجوزة.. الطب يجمع ما فرقته الجغرافيا”

في زمن تتزاحم فيه التحديات الصحية إقليميًا ودوليًا، تشرق بارقة أمل من مستشفى العجوزة التخصصي، حيث استقبل المستشفى وفدًا رفيع المستوى من منظمة الصحة العالمية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في زيارة تجسّد المعنى الحقيقي للتعاون الإنساني الطبي. هذه الزيارة لم تكن مجرد جولة، بل إعلان رسمي عن انطلاق شراكة إنسانية هادفة لتقديم العلاج والدعم لمرضى القصور الكلوي من الأشقاء السودانيين المقيمين بمصر. في هذا المشهد، تتلاقى الأيادي لتمنح الحياة لآلاف المرضى، وتجعل من الطب جسراً للأمل.
التعاون الدولي في خدمة المريض العربي
شهد مستشفى العجوزة التخصصي حدثًا فريدًا يعكس الروح الإنسانية للتكامل الصحي العربي والدولي، باستقبال وفد مشترك من منظمة الصحة العالمية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. هذه الزيارة جاءت في إطار تفعيل مشروع مشترك يهدف إلى توفير خدمات الغسيل الكلوي والعلاج لمرضى القصور الكلوي من السودانيين المقيمين في مصر. التعاون لم يكن فقط من أجل توفير الخدمة، بل لتقوية البنية الطبية عبر التكامل وتبادل الخبرات، ما يعكس تطور مفهوم الصحة كرسالة عالمية تتخطى الحدود.
دعم إنساني يتجاوز التحديات
المبادرة التي أُطلقت في مستشفى العجوزة لم تكن وليدة اللحظة، بل نتاج تخطيط واستجابة لحاجة إنسانية ملحة، تتعلق بفئة من المرضى الذين يعانون من مرض مزمن ومرهق ماديًا ونفسيًا. مشروع الغسيل الكلوي يهدف إلى تخفيف الضغط عن المستشفيات المصرية، مع توفير خدمة علاجية متكاملة. ما يميز المشروع هو شموليته، حيث لا يركز فقط على العلاج، بل يمتد ليشمل التوعية والمتابعة والدعم النفسي، في خطوة تؤكد أن الكرامة الصحية حق لكل إنسان.
إشادة بقدرات العجوزة التخصصي
خلال الجولة، أعرب الوفد الزائر عن إعجابه الكبير بمستوى التجهيزات والكوادر الطبية داخل مستشفى العجوزة التخصصي. ما رآه الوفد لم يكن مجرد منشأة طبية، بل نموذجًا يُحتذى به في تقديم الرعاية المتكاملة التي تجمع بين التخصص والخبرة والإنسانية. هذه الإشادة تُعد شهادة ثقة دولية جديدة تضاف إلى رصيد المستشفى، وتفتح آفاقًا جديدة لمزيد من التعاون مع المؤسسات العالمية في مختلف المجالات الصحية.
الدكتور أحمد سمير فودة – قيادة بثقة ورؤية
صرّح الدكتور أحمد سمير فودة، مدير عام مستشفى العجوزة التخصصي، بأن هذه الزيارة تؤكد مكانة المستشفى كمؤسسة موثوقة في أعين المنظمات الدولية، مشيرًا إلى أن المستشفى ملتزم بتوفير الرعاية الصحية بجودة عالية لكل المرضى دون تمييز. وأوضح أن التعاون مع الجهات الدولية ليس مجرد اتفاق إداري، بل شراكة تنبع من إيمان المستشفى بدوره الوطني والإنساني. وأضاف أن العجوزة التخصصي يسعى دائمًا لتحديث خدماته وتطوير الكفاءات بما يتناسب مع المعايير العالمية.
الدكتور عبدالله بن صالح – صوت المملكة في ميدان الإنسانية
من جانبه، أكد الدكتور عبدالله بن صالح المعلم، مدير إدارة المساعدات الطبية والبيئية بمركز الملك سلمان، أن هذا التعاون يجسد سياسة المملكة العربية السعودية في تقديم العون الإنساني خارج حدودها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالصحة. واعتبر أن مستشفى العجوزة التخصصي نموذجًا متميزًا للعمل المؤسسي المتكامل في المجال الطبي، مشيدًا بالاستعدادات والتجهيزات التي لم يلمسها فقط في الأجهزة، بل في الروح المهنية والاهتمام بالتفاصيل داخل أروقة المستشفى.
مشروع بُني على الثقة والمبادئ
المشروع المشترك لتقديم خدمات الغسيل الكلوي جاء ليس فقط لتلبية حاجة طبية، بل ليؤسس لبنية تعاونية طويلة الأمد بين مؤسسات راسخة كمركز الملك سلمان ومنظمة الصحة العالمية. التعاون في هذا المشروع الإنساني يؤسس لمرحلة جديدة من الدعم الطبي الموجه، ويمثل إحدى صور الدبلوماسية الصحية الهادفة إلى تسخير الطب كأداة للسلم والدعم والاستقرار الإقليمي، خاصة في فترات النزوح أو الصراعات التي تعصف بالشعوب.
ملامح مستقبل صحي مشترك
الزيارة رسمت صورة مشرقة لما يمكن أن يكون عليه المستقبل، حين تتضافر الجهود لخدمة المريض. هي رسالة للعالم بأن مصر ليست فقط مستقبلة للمرضى، بل شريك فعال في تقديم الرعاية، وداعم حقيقي للمنكوبين واللاجئين والأشقاء من الدول المجاورة. هذه الخطوات لا تُقاس فقط بعدد المرضى الذين تلقوا الخدمة، بل بعمق الأثر الذي تُحدثه في النفوس، وبالصدى الذي يخلّفه التعاون النبيل في قلب الميدان الصحي العربي والدولي.
في ظل هذا الزخم من الأزمات والضغوط التي تواجه أنظمة الرعاية الصحية حول العالم، يثبت مستشفى العجوزة التخصصي أنه ليس مجرد منشأة طبية، بل منارة للتعاون الإنساني، ونقطة التقاء حقيقية بين الدول والمنظمات لخدمة الإنسان أولًا. هذه الزيارة، ومشروع الغسيل الكلوي تحديدًا، ليست سوى بداية لقصة من العطاء والعمل المشترك، تؤكد أن الطب حين يُمارس بشغف ورسالة، يمكنه أن يغيّر حياة كاملة، ويمنح للمرضى فرصة جديدة للنجاة بكرامة.