عبدالرحيم عبدالباري
“بالصور ” منظومة الصحة تتحرك بذكاء في لحظات الحسم … تحليل لزيارة مستشفى الباجور بعد حادث الطريق الإقليمي

في لحظات الألم تبرز معادن الرجال، وتكشف الأزمات عن قوة المنظومة الصحية ومتانتها. وفي استجابة فورية لتوجيهات الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، تحركت قافلة طبية رفيعة المستوى بقيادة الدكتور محمد الطيب، نائب وزير الصحة، صوب مستشفى الباجور التخصصي بمحافظة المنوفية، لمتابعة الحالة الصحية لمصابي الحادث المروع الذي وقع على الطريق الإقليمي. زيارة لم تكن روتينية، بل جسّدت روح العمل الجماعي، والتدخل السريع، والحرص الإنساني على سلامة كل مصري.
لم يمر وقت طويل على وقوع الحادث حتى كانت سيارات الإسعاف تنطلق بأقصى سرعة، إذ دفعت هيئة الإسعاف بـ18 سيارة مجهزة بالكامل لنقل المصابين في زمن قياسي. سرعة التحرك لم تكن فقط في انتقال المصابين، بل تجسدت في توجه قيادات وزارة الصحة إلى موقع الرعاية، لتفقد الحالات بأنفسهم. هذا التحرك العاجل يعكس جاهزية المنظومة الصحية في مصر، واستعدادها لمواجهة الطوارئ بكفاءة وفاعلية، كما يكشف عن تكامل الأداء بين فرق الإسعاف والطواقم الطبية بالمستشفيات.

بخطوات ثابتة وقلوب تحمل همّ المواطن، وصل الدكتور محمد الطيب، نائب الوزير، يرافقه الدكتور بيتر وجيه، مساعد الوزير للشئون العلاجية، إلى مستشفى الباجور التخصصي، ليبدأوا جولة ميدانية بين أقسامها. تفقدوا الحالات عن قرب، تبادلوا الحديث مع الفرق الطبية، واستمعوا إلى أسر المصابين. لم تكن مجرد زيارة بروتوكولية، بل كانت رسالة طمأنة من القيادة الصحية إلى كل أسرة متألمة، تؤكد أن الدولة حاضرة، والمريض أولوية.
تضم مستشفى الباجور التخصصي تجهيزات طبية متقدمة، وغرف عناية مركزة على أعلى مستوى. وفي هذه الزيارة، تم التأكد من تقديم الرعاية الطبية المثلى لتسعة مصابين في الأقسام الداخلية، وثلاث حالات أخرى في العناية المركزة، بينها حالة غير مستقرة. توجيهات فورية صدرت بتعزيز الفرق الطبية، وتوفير أدوية ومستلزمات إضافية، مع مراجعة خطط الطوارئ لضمان استمرارية تقديم الخدمة دون انقطاع أو تقصير، بما يعكس حرص الوزارة على حفظ حياة المصابين وسرعة تعافيهم.

أظهر الدكتور محمد الطيب، خلال جولته، قدرة تنظيمية عالية، وحرصاً واضحاً على استقرار الحالة الطبية والإدارية للمستشفى. لم يقتصر دوره على الاطمئنان، بل وجّه بتعزيز مرونة المسارات الخدمية داخل المستشفى، وتيسير زيارة الأهالي دون التأثير على سير العمل. وحرص على إزالة أي معوقات قد تواجه الفرق الطبية في أداء مهامها. مداخلاته كانت عملية، وتوصياته جاءت في إطار استراتيجي شامل، يحمل همّ الوطن والمواطن في كل حرف منها.
بخبرته الطويلة في الشئون العلاجية، أصر الدكتور بيتر وجيه على فحص تفاصيل الأداء داخل المستشفى. ركّز على جودة تقديم الخدمة، ومدى توافر كافة الموارد الطبية والبشرية. وشدّد على أهمية الدعم النفسي للمصابين وأسرهم، مؤكداً أن العلاج لا يقتصر على الجسد فحسب، بل يشمل الكلمة الطيبة، والحضن الدافئ، والابتسامة الصادقة. لم تكن زيارته مجرد تفتيش، بل دعم واحتواء وتشجيع للفريق الطبي الذي يواصل الليل بالنهار.
الزيارة لم تكن فردية، بل جاءت بمشاركة قيادات بارزة تعكس تضافر الجهود، حيث رافق الدكتور محمد الطيب كل من: الدكتور محمد الصدفي، رئيس الإدارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة، والدكتور عمرو مصطفى، وكيل وزارة الصحة بالمنوفية، والدكتور أحمد رزق، نائب رئيس أمانة المراكز الطبية المتخصصة، بالإضافة إلى فريق المراجعة الداخلية والحوكمة. كل منهم حمل على عاتقه مهمة، وتكاتفوا جميعًا لضمان تجاوز الأزمة بأقل الخسائر، وبأعلى كفاءة.
في وقت المحن، تبنى الدول جسوراً من الأمل والرعاية، وهذا ما فعلته وزارة الصحة المصرية، حين أرسلت قياداتها إلى أرض الواقع، لتكون بجانب المصابين وأسرهم في أصعب اللحظات. مستشفى الباجور تحوّل من مجرد منشأة طبية إلى مركز إنساني شامل، بفضل هذا الحراك المدروس والتفاني المشترك. وما بين توجيهات القيادة، وتكاتف الميدان، تكتب وزارة الصحة سطوراً جديدة في سجل الثقة، عنوانها: “الإنسان أولاً… والحياة أغلى ما نملك.”