
لأول مرة في تاريخها، تجاوزت عملة البيتكوين حاجز الـ100 ألف دولار وسط موجة صعود قياسية أعقبت إعلان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن اختياره أتكينز- أحد أبرز المدافعين عن العملات الرقمية – لرئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ؛ مما يذكرنا بتعهده بتعزيز قطاع تعدين بيتكوين في الولايات المتحدة، قائلاً إنه يريد تعدين كل عملات البيتكوين المتبقية في العالم في أميركا ؛نظراً للبيئة الصديقة للعملات المشفرة ولدورة السوق أيضا.
وقد تجاوز عدد مستخدمي العملات الرقمية 562مليون شخص في 2024، بزيادة 34% عن 2023، مع إقبال متزايد على الأصول الرقمية. تصدرت الإمارات العربية المتحدة بنسبة 25.3% في تبني العملات الرقمية عالميًا ، و تليها عربيا المملكة العربية السعودية؛ مما يعكس رؤية هذه الدول في تبني التقنيات المالية الحديثة وتعزيز مكانتها كمركز للابتكار.
كما أصدرت شركة رأس المال الاستثماري (a16z) تقرير بعنوان “حالة العملات المشفرة”، كشف عن تحقيق شبكات البلوكشين رقم قياسي جديد مع تفاعل 220 مليون نشط في سبتمبر 2024، وهو ما يمثل ثلاثة أضعاف الرقم المسجل بنهاية 2023.
فما هو البيتكوين ؟
أنتجت الحداثة والثورة المعلوماتية العملة الإلكترونية Electronic money وهي(رصيد نقدي ورقي محملًا إلكترونيًّا في بطاقة بلاستيكية ممغنطة أو البطاقة المبرمجة، أو المحفظة الإلكترونية،أوالشيك الإلكتروني وهي بطاقات “ذكية”تصدرها بنوك تقليدية أو افتراضية(on line bank) ) وأُنْتجت منذ 2008 ثورة مالية جديدة من نوع آخر، تمثلت في ظهور ما يسمى بالعملة الرقمية وهي عملات رقمية مشفرة يتم استخدامها في المبادلات والمعاملات المالية كالحوالات المالية والدفع المباشر إلكترونيا أي أنها تستخدم فقط عبر الشبكة العنكبوتية. ويوجد عشرات الأنواع من هذه العملات مثل الـ₿: Bitcoin- وهي عملة رقمية مشفرة لا مركزية ، أي بدون بنك مركزي مسؤول ، يمكن إرسالها من مستخدم إلى مستخدم على شبكة البيتكوين الند للند دون حاجة إلى وسطاء.
هل تداول البيتكوين مصرح به في مصر ؟
يتضمن قانون البنك المركزي في مصر رقم (194) المادة (206) التي تنص على منع وحظر تداول أو إنشاء أو ترويج العملات المشفرة والرقمية كالبيتكوين دون ترخيص، كما يحظر إنشاء أو تشغيل منصات للتداول أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بهذه العملات؛ حيث يسيطر عليها عدم الاستقرار والتقلب الشديد في قيمة أسعارها في حين أن البلدان والبنوك المركزية في جميع أنحاء العالم بدأت بالتوجه نحو تبني العملات الرقمية والسماح بها.
ما علاقة البيتكوين بهوس الثراء ؟
يشير تقرير(2024(Triple-A, أن 34% من مالكي الأصول الرقمية المشفرة تتراوح أعمارهم بين 24 -35 عامًا ؛ مما يجعل هذه الفئة العمرية الأكبر في هذا المجال. يساهم ذلك في رسم صورة واضحة عن ارتكاز الإهتمام في فئات الشباب بشكل أكبرللأسباب التالية:
1- إنهم مواطنون رقميون بإمتياز
أنهم أكثر وعيًا وانسجامًا مع التكنولوجيا بالنسبة لمعظم جيل الألفية و زد ( 14- 26)، وتم اختراع الإنترنت قبل ولادتهم. هذا يعني أنهم تعلموا كيفية استخدامه منذ صغرهم.
2- هوس الثراء
تؤدي رؤية الشباب لأنماط “الحياة الفاخرة”، التي يعيشها أقرانهم على وسائل التواصل الاجتماعي إلى اكتساب العديد منهم نظرة مشوهة عن حقيقة وضعهم المالي حين يقومون بمقارنة وضعهم مع أوضاع الآخرين. كما أشارت دراسة أجرتها شركة Edelman Financial Engines إلى وجود علاقة قوية بين الشعور السيء للفرد تجاه وضعه المالي، ومقدار الوقت الذي يقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي وذلك لمواكبة أنماط “الحياة الفاخرة” التي يعيشها البعض على السوشيال ميديا .
ما خطورة العملات الرقمية المشفرة ؟
أضحت العملات الرقمية مثل: ( “البيتكوين” و”زكاش” و”مونيرو” و”الإثريام”) مصدرًا ووسيلةً لتمويل الإرهاب والأنشطة غير المشروعة بالنظر إلى مخاطرها المتعددة. ويأتي في المقدمة: القدرة على إخفاء هويات المتعاملين بها، وانتشار معاملاتها في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من الإستخدام المحدود لتلك العملات في الوقت الراهن؛ إلا أن ذلك الاستخدام قد يتزايد مستقبلًا خاصة مع تزايد فعالية جهود مكافحة تمويل الإرهاب التي تركز على تتبع تدفق الأموال عبر الحسابات المصرفية، ومنع المعاملات المالية التي يمكن استخدامها لدعم الهجمات الإرهابية وغيرها من الجرائم والعمليات غير المشروعة، وحتى بالنسبة إلى وكالات الاستخبارات العالمية، إذ يستخدمونها في شبكة الإنترنت والذي يعرف بالـ (Dark web) .
يرى جيدنز أن العولمة تعمل على إعادة تشكيل حياتنا، وتحول العالم إلى عملية نهب معولمة صغيرة وليست قرية صغيرة “global pillage instead of global village”ولذلك أكد جيدنز أن الدولة يجب ألا تضعف ويجب أن تبقى صاحبة قرار عندما يكون الأمر متصلًا بالشأن القومي ولكنها تنتمي إلي “مجتمع كزموبوليتاني معولم”. ويؤكد جيدنز أن ملامح المجتمع المعاصر تبدو مشوشة ومغيرة لأساليب حياتنا أينما وجدنا وليست مستقرًه أو آمنًه و تدعو إلى القلق ؛ مما جعله عالم شارد مغترب أو كما أطلق عليه جيدنز “عالم منفلت” متأثر بالاتصال والإعلام ،ولا يقتصر على الأنظمة الاجتماعية الكبرى مثل النظام الاقتصادي أو أسواق المال بل أن أثره ينتقل إلى مستوى الأنظمة الفرعية كالأسرة ونمط الحياة الخاص.