
عبدالرحيم عبدالباري
بالصور … إعادة تشغيل عمليات القسطرة المخية بمستشفى بنها: نقلة نوعية بالتامين الصحي في محافظة القليوبيه
في خطوة جديدة نحو تعزيز جودة الخدمات الطبية، أعلنت الهيئة العامة للتأمين الصحي عن إعادة تشغيل عمليات القسطرة المخية بمستشفى بنها للتأمين الصحي، وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الهيئة لتوفير أحدث وسائل العلاج بأعلى كفاءة، وتقليل الحاجة إلى الجراحات المفتوحة التي تشكل خطرًا أكبر على المرضى، وتعتبر القسطرة المخية إحدى التقنيات الطبية المتطورة التي تساعد في علاج الجلطات الدماغية وضيق الشرايين، مما يسهم في تقليل نسبة الوفيات والمضاعفات الناتجة عن الأمراض الدماغية.
تُعد القسطرة المخية من أبرز الإنجازات الطبية الحديثة في مجال علاج الجلطات الدماغية والنزيف داخل المخ، حيث تتيح للأطباء إزالة التجلطات أو توسيع الشرايين المتضيقة دون الحاجة إلى جراحات كبرى. وتتم العملية من خلال إدخال قسطرة عبر شريان في الفخذ وتمريرها إلى المخ لتحديد مكان التجلط أو الانسداد وإزالته باستخدام أدوات دقيقة، هذا الإجراء يسهم بشكل فعال في تقليل فترات بقاء المرضى في المستشفى ويعزز فرص التعافي السريع.
أكد الدكتور أحمد مصطفى، رئيس الهيئة العامة للتأمين الصحي، أن استئناف هذه العمليات يأتي في إطار خطة متكاملة تهدف إلى تطوير التدخلات الجراحية الدقيقة وفقًا لأحدث المعايير الطبية العالمية، وأضاف أن الهيئة تسعى إلى تحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين من خلال إدخال أحدث التقنيات الطبية وتقليل الحاجة إلى السفر للعلاج خارج المحافظة.
وأشار الدكتور احمد عطا، رئيس الإدارة المركزية للشئون الطبيه، أنه لم يقتصر تطوير الخدمات الطبية بمستشفى بنها على إعادة تشغيل القسطرة المخية، بل شمل إضافة تخصصات جديدة، مثل جراحات الصدر للأطفال، وجراحات الشبكية، ومناظير الجهاز الهضمي والقنوات المرارية، والقسطرة القلبية، والأشعة التداخلية، وجراحات القلب المفتوح، هذه التحديثات تأتي ضمن رؤية الهيئة لتعزيز الرعاية الصحية المتقدمة وتقليل فترات الانتظار للمرضى.
كما أوضح الدكتور سيد جلال، مدير فرع التأمين الصحي بالقليوبية، أن القسطرة المخية تُشبه إلى حد كبير قسطرة القلب، حيث يتم إدخال أنبوب رفيع عبر شريان الفخذ، ويتم توجيهه إلى الأوعية الدموية في الدماغ باستخدام الأشعة التداخلية، ويُستخدم هذا الإجراء لعلاج تمدد الأوعية الدموية، والجلطات الدماغية، ونزيف المخ، دون الحاجة إلى جراحة تقليدية.
شهد مستشفى بنها إجراء أول عملية قسطرة مخية بعد إعادة تشغيل الوحدة لمريض يبلغ من العمر 72 عامًا كان يعاني من ضيق في الشريان السباتي وضعف في الجانب الأيسر من الجسم نتيجة إصابته بسكتة دماغية، تم تنفيذ العملية بنجاح لتوسيع الشريان السباتي الأيمن، مما ساعد المريض على استعادة جزء كبير من وظائفه الحركية.
تم تنفيذ العملية تحت إشراف فريق طبي متخصص بقيادة الدكتور وائل عثمان، أستاذ المخ والأعصاب واستشاري القسطرة المخية بجامعة الأزهر، والدكتور محمد شيح، مدير وحدة القسطرة، والدكتور صلاح عبد الرازق، استشاري التخدير، إلى جانب فريق تمريضي وفنيي أشعة على درجة عالية من الكفاءة.
وأكد الدكتور محمد طاهر، مدير مستشفى بنها النموذجي، أن المستشفى أصبح مجهزًا بالكامل لإجراء عمليات القسطرة المخية والقلبية، إلى جانب تقديم خدمات طبية متطورة في مختلف التخصصات، ولفت إلى أن هذه التحديثات تهدف إلى تقليل أعداد المرضى الذين يضطرون إلى السفر للعلاج خارج المحافظة، مما يوفر الوقت والجهد والتكاليف عليهم.
حيث تضم مستشفى بنها للتأمين الصحي مجموعة واسعة من التخصصات الطبية، والتي تشمل: “جراحة القلب والصد، جراحة العظام، الجراحة العامة، المخ والأعصاب، الأورام، الأوعية الدموية، الأنف والأذن والحنجرة، المسالك البولية، طب وجراحة العيون، القساطر المخية والقلبية، مناظير الجهاز الهضمي والقنوات المرارية، العلاج الطبيعي والتأهيل، طب النساء والتوليد، الرعايات المركزة، وحدات الغسيل الكلوي والحضّانات”.
تشير الإحصائيات إلى أن المستشفى استقبل خلال عام 2024 أكثر من 57 ألف مريض في قسم الطوارئ، وأجرى 18 ألف عملية جراحية، بالإضافة إلى تنفيذ 12 ألف جلسة غسيل كلوي و11,500 جلسة علاج كيماوي، تعكس هذه الأرقام حجم العمل الكبير الذي يتم داخل المستشفى ومدى استفادة المرضى من الخدمات المتاحة.
مع التطور المستمر في تقنيات القسطرة المخية، من المتوقع أن تصبح هذه العمليات جزءًا أساسيًا من خطط علاج أمراض المخ والأوعية الدموية في مصر، وتسعى وزارة الصحة إلى توسيع نطاق المستشفيات التي تقدم هذه الخدمة، لتشمل محافظات أخرى، مما يسهم في تقليل معدلات الإعاقة الناتجة عن الجلطات الدماغية.
على الرغم من الإنجازات التي تحققت، لا تزال هناك تحديات تواجه تطبيق هذه التقنية على نطاق واسع، مثل الحاجة إلى تدريب مزيد من الأطباء، وتوفير المعدات الحديثة، وزيادة الوعي المجتمعي حول أهمية الكشف المبكر عن أمراض الشرايين الدماغية. ومع ذلك، فإن الجهود المستمرة التي تبذلها الجهات الصحية تبشّر بمستقبل أكثر إشراقًا للقطاع الطبي في مصر.
إعادة تشغيل عمليات القسطرة المخية بمستشفى بنها خطوة هامة نحو تحسين الرعاية الصحية في مصر، حيث توفر هذه التقنية الحديثة بديلاً آمنًا وفعالًا للجراحات التقليدية، مما يساعد المرضى على التعافي بسرعة وتقليل المضاعفات، ومع استمرار الجهود لتطوير الخدمات الطبية وتوسيع نطاق استخدام القسطرة المخية، فإن المستقبل يحمل المزيد من التحسينات التي ستساهم في إنقاذ حياة الكثيرين وتحسين جودة الحياة للمرضى.