عبدالرحيم عبدالباري
“رؤية أمل”.. مبادرة صحية رائدة لحماية بصر الأطفال المبتسرين

في خطوة غير مسبوقة على مستوى الجمهورية، دشن الدكتور تامر مدكور، وكيل وزارة الصحة بالدقهلية، مبادرة “رؤية أمل”، التي تهدف إلى الكشف المبكر عن اعتلال الشبكية لدى الأطفال المبتسرين (ROP)، تأتي هذه المبادرة استجابةً للحاجة الملحّة لتوفير رعاية صحية متقدمة لهذه الفئة الهشة من الأطفال، إذ يعدّ اعتلال الشبكية أحد أبرز المخاطر التي تهدد بصر المبتسرين. بفضل التقنيات الحديثة وكوادر طبية متخصصة، تسعى المبادرة إلى تقليل معدلات الإصابة بالعمى لدى حديثي الولادة، ما يعكس التزام الدولة بتعزيز الرعاية الصحية للأطفال.
تمثل “رؤية أمل” نقلة نوعية في مجال طب الأطفال وحديثي الولادة، حيث توفر هذه المبادرة فرصة لاكتشاف الحالات في مراحلها المبكرة، مما يزيد من فرص العلاج الفعّال، وفقًا للدراسات الطبية، فإن التشخيص المبكر والتدخل السريع يمكن أن يحمي بصر الأطفال المبتسرين بنسبة كبيرة. لذا، تعتمد المبادرة على آلية متكاملة لرصد الحالات، تبدأ من تسجيل الأطفال في الحضانات فور الاشتباه في إصابتهم، وصولًا إلى تحديد موعد الفحص الدقيق وفق البروتوكولات الطبية المعتمدة.

لضمان تحقيق أهدافها، جاءت المبادرة بالتنسيق بين مستشفى رمد المنصورة وإدارة الرعاية الحرجة، تحت إشراف نخبة من الأطباء المتخصصين، يشارك في تنفيذها كوادر طبية ذات خبرة عالية في طب العيون وطب حديثي الولادة، ما يعزز من دقة الفحوصات واتخاذ القرارات الطبية المناسبة، كما أن توفير أجهزة متطورة داخل وحدة المبادرة يسهم في تحسين جودة التشخيص والعلاج، مما يعكس حرص وزارة الصحة على الارتقاء بالخدمات الطبية المقدمة للأطفال المبتسرين.
حيث يلعب مسؤول ترصد ROP دورًا محوريًا في نجاح المبادرة، حيث يتولى مهمة تسجيل الحالات المشتبه بها داخل الحضانات، وإبلاغ الفريق الطبي المتخصص في مستشفى الرمد، كما يتم التواصل المباشر مع أولياء الأمور لضمان حضور الطفل في المواعيد المحددة للفحص، مما يقلل من احتمالية تفاقم المشكلة الصحية، ومن خلال هذه المنظومة المتكاملة، تتمكن الفرق الطبية من تقديم التدخل العلاجي المناسب في الوقت المناسب، مما يسهم في تحسين نتائج العلاج بشكل كبير.

لم تقتصر أهمية “رؤية أمل” على محافظة الدقهلية فقط، بل امتدت لتشمل المحافظات المجاورة، حيث تمثل المبادرة نموذجًا يُحتذى به في تطوير الخدمات الصحية للأطفال المبتسرين، إذ يعاني العديد من المراكز الطبية من نقص في التقنيات الحديثة والتخصصات الطبية الدقيقة، مما يجعل هذه المبادرة خطوة إيجابية نحو تعميم التجربة على مستوى أوسع، كما تسهم في تخفيف العبء عن الأسر التي تعاني من صعوبة الوصول إلى خدمات طبية متخصصة.
جاء تدشين المبادرة بالتزامن مع انطلاق المؤتمر السنوي الثاني عشر لمستشفى رمد المنصورة، الذي يعدّ واحدًا من أهم الفعاليات العلمية في مجال طب العيون، شهد المؤتمر مناقشات متقدمة حول أمراض العيون، وخصوصًا مرض الجلوكوما، الذي يُعتبر أحد الأسباب الرئيسية لفقدان البصر عالميًا، كما ناقش المؤتمر أحدث التقنيات التشخيصية والعلاجية، ما يعكس التطور المستمر في مجال طب العيون بمصر.
تضمن المؤتمر ورش عمل متخصصة، ناقشت فيها الفرق الطبية أدوات تشخيص الجلوكوما، ودور الأشعة المقطعية البصرية (OCT) في تحسين دقة التشخيص، كما تم استعراض دور الموجات فوق الصوتية عالية التردد في تقديم صورة واضحة عن حالة العين، مما يساعد الأطباء في اتخاذ قرارات علاجية أكثر دقة، هذه التطورات تعكس الجهود المستمرة لتعزيز البحث العلمي وتطبيق أحدث التقنيات في المستشفيات المصرية.
مبادرة “رؤية أمل” ليست مجرد مشروع طبي عابر، بل هي نموذج لريادة مصر في مجال الرعاية الصحية للأطفال المبتسرين، من خلال تضافر الجهود بين المستشفيات الحكومية وكوادرها الطبية المتميزة، بات بالإمكان تقديم خدمات طبية متطورة تحمي بصر آلاف الأطفال سنويًا، إن استمرار مثل هذه المبادرات سيؤدي إلى تقليل معدلات الإعاقة البصرية وتحسين جودة الحياة للأطفال وأسرهم، مما يجعلها خطوة رائدة نحو مستقبل صحي أكثر إشراقًا.