
عبدالرحيم عبدالباري
تراجع معدلات المواليد والوفيات في مصر: إنجاز صحي نحو التنمية المستدامة
في خطوة تعكس نجاح الاستراتيجيات السكانية والصحية التي تبنتها الدولة خلال العقد الماضي، أعلن الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، عن الإحصاءات الحيوية للمواليد والوفيات في مصر خلال الفترة من 2014 إلى 2024. وأظهرت البيانات انخفاضًا ملحوظًا في معدلات المواليد والوفيات، مما يعكس تحسن الخدمات الصحية وجهود التوعية المستمرة، وهو ما يتماشى مع مستهدفات رؤية «مصر 2030» لتحقيق تنمية مستدامة متوازنة.
وفقًا للإحصاءات الرسمية، شهد معدل المواليد في مصر تراجعًا كبيرًا من 30.7 لكل ألف نسمة عام 2014 إلى 18.5 لكل ألف نسمة عام 2024، كما انخفض العدد الإجمالي للمواليد من 2.72 مليون نسمة إلى 1.968 مليون نسمة خلال نفس الفترة، هذا الانخفاض يعكس نجاح الجهود الحكومية في تعزيز الوعي الصحي، وتوفير وسائل تنظيم الأسرة، إضافة إلى تنفيذ برامج توعوية تستهدف تحقيق معدلات إنجاب أكثر توازنًا مع متطلبات التنمية.
أحد أبرز المؤشرات التي كشفت عنها الإحصاءات هو انخفاض معدل الإنجاب الكلي من 3.5 طفل لكل سيدة عام 2014 إلى 2.41 طفل لكل سيدة عام 2024، هذا التحول الإيجابي يعود إلى الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة في توعية الأسر بمفهوم الأسرة الصغيرة وأهمية التخطيط الإنجابي، إضافة إلى تحسين الخدمات الصحية للمرأة وتوفير الدعم اللازم للحد من الولادات غير المخططة، بما يسهم في تحقيق معدلات إنجاب تتناسب مع الموارد المتاحة.
لم تقتصر التحولات الإيجابية على معدلات المواليد، بل شملت أيضًا انخفاض معدل الوفيات من 6 حالات لكل ألف نسمة عام 2014 إلى 5.7 حالة لكل ألف نسمة عام 2024، ويرجع ذلك إلى التحسن المستمر في الخدمات الطبية، والتوسع في برامج الرعاية الصحية الأولية، إلى جانب المبادرات الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة، والتي أسهمت في تقليل معدلات الوفاة بين مختلف الفئات العمرية، خاصة الأطفال وكبار السن.
نتيجة لانخفاض المواليد والوفيات، شهد معدل الزيادة الطبيعية انخفاضًا ملحوظًا من 24.7 لكل ألف نسمة عام 2014 إلى 12.8 لكل ألف نسمة عام 2024، كما تراجعت نسبة الزيادة الطبيعية من 2.52% إلى 1.3% خلال نفس الفترة. وهذا يدل على تحسن التخطيط السكاني ونجاح السياسات الحكومية في تحقيق التوازن بين معدلات النمو السكاني والتنمية الاقتصادية، مما يسهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين.
تلعب حملات التوعية الصحية دورًا رئيسيًا في تحقيق هذه المؤشرات الإيجابية، حيث ركزت وزارة الصحة والسكان، بالتعاون مع المجلس القومي للسكان، على نشر الوعي بأهمية تنظيم الأسرة، ومخاطر الزواج المبكر، وأهمية المتابعة الصحية للنساء خلال فترات الحمل، كما ساعدت الحملات الإعلامية والبرامج التثقيفية في تغيير السلوكيات التقليدية، مما أسهم في تحقيق استجابة مجتمعية واسعة لمبادرات تنظيم الأسرة وتحسين الخدمات الصحية.
أكد الدكتور خالد عبدالغفار أن الدولة مستمرة في تنفيذ استراتيجياتها المبنية على أسس علمية وتخطيط دقيق، بهدف تحقيق توازن سكاني يساهم في بناء مجتمع أكثر صحة واستدامة. وأشار إلى أن الحكومة تعمل على تعزيز الخدمات الصحية، ودعم برامج تنمية الأسرة، والاستثمار في التوعية المجتمعية لضمان استمرار تحقيق هذه النتائج الإيجابية.
تُعد التحولات الإيجابية في معدلات المواليد والوفيات في مصر خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة، وتعكس نجاح الجهود الحكومية في تحسين الخدمات الصحية ونشر الوعي المجتمعي، ومع استمرار هذه الجهود، يمكن لمصر أن تحقق مزيدًا من التقدم في تحسين جودة الحياة وضمان مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للأجيال القادمة.