
عبدالرحيم عبدالباري
“نحو رعاية أولية تُرضي المواطن وتدعم الطبيب: خطوة أولى في طريق التطوير الحقيقي”
في خطوة تعكس التزام وزارة الصحة والسكان بتطوير الخدمات الصحية من الجذور، اختتمت أولى دورات البرنامج التدريبي الفني للأطباء العاملين في مراكز الرعاية الصحية الأولية، بحضور قيادات رفيعة من الوزارة ومحافظتي القاهرة والجيزة، من بينهم الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة، والدكتور حمودة الجزار، والدكتورة أمل رشدي، والدكتور سمير الدميري. لم تكن المناسبة مجرد احتفالية توزيع شهادات، بل تجسيداً فعلياً لرؤية جديدة تهدف إلى إرساء دعائم إصلاح صحي شامل يبدأ من قاعدة النظام: وحدات الرعاية الأولية.
تجربة عملية تكشف أهمية التدريب المستمر
اختتام الدورة التدريبية للأطباء لم يكن نهاية، بل بداية لمشروع تطويري واسع يستند إلى تمكين الكوادر الطبية مهنياً ومعرفياً. وقد شهدت الدورة مشاركة 29 طبيب أطفال من إدارات محافظتي القاهرة والجيزة، في تجربة تدريبية شملت محاور متعددة أبرزها الرعاية النفسية والتغذية الصحية والتشخيص الدقيق، وأشادت الدكتورة عبلة الألفي بالالتزام الذي أظهره الأطباء، مؤكدة أن البرنامج يمثل نقلة نوعية في التعامل مع الطفل السليم ويستهدف الحد من الاستخدام الخاطئ للأدوية، لا سيما المضادات الحيوية.
عبلة الألفي تؤكد أن الرعاية الأولية حجر الأساس للتطوير
في كلمتها خلال ختام الدورة، أوضحت الدكتورة عبلة الألفي أن الرعاية الصحية الأولية تمثل القاعدة الأساسية لإصلاح النظام الصحي في مصر، مشيرة إلى أن ما يقرب من 60% من الخدمات يجب أن تُقدم عبر هذه الوحدات، وأضافت أن الوزارة ستأخذ في الاعتبار التحديات التي قد تواجه الفرق الطبية أثناء التطبيق، وستعمل على حلها من خلال متابعة ميدانية دقيقة، لضمان تقديم الخدمة بجودة عالية.
تنظيم مسار المنتفعين كأداة لرفع كفاءة الخدمة
لفتت نائب وزير الصحة، الدكتورة عبلة الألفي، إلى أهمية تنظيم مسار المنتفعين داخل الوحدات، بدءًا من توجيههم إلى غرف المشورة الأسرية، بما يعزز خدمات الطفولة المبكرة ويُحسن استخدام الموارد البشرية، وأشارت إلى أن تقسيم الأدوار بين مقدمي المشورة والأطباء يمنح الأخيرين وقتاً أكبر للتركيز على التشخيص والعلاج، ويُسهم في رفع كفاءة الخدمة وسرعتها داخل الوحدة الصحية.
مقترح كادر وظيفي جديد يعزز المسار المهني للأطباء
تطرقت الدكتورة عبلة الألفي إلى دراسة الوزارة تطبيق كادر وظيفي في مراكز الرعاية الصحية الأولية، يقوم على الشهادات المهنية والدبلومات كآلية للترقي. هذه الخطوة، التي تأتي بالتوازي مع توحيد مناهج التدريب ورفع كفاءتها، تهدف إلى بناء بيئة مهنية تحفّز الكفاءات وتُشجع الأطباء على التطور الدائم والارتقاء بمستوى أدائهم.
حمودة الجزار: يضع الانضباط كركيزة لصورة أفضل
من جانبه، أكد الدكتور حمودة الجزار، رئيس قطاع الشؤون الصحية بمحافظة القاهرة، أن تحسين صورة وحدات الرعاية يبدأ من داخلها، عبر تنظيم العمل، والانضباط، والمتابعة الداخلية الفعالة. وأوضح أن انخراط القيادات الإدارية في الميدان، ورفع كفاءة الأطباء، يؤديان إلى تحسين دقة التشخيص، وترشيد استخدام الأدوية، خاصة لدى الأطفال، مشدداً على ضرورة التوعية بمخاطر الإفراط في تناول الأدوية.
الجزار يؤكد استمرار الاجتماعات لحل التحديات الميدانية
أشار الدكتور حمودة الجزار إلى أنه وبناءً على ما تم رصده من نقاشات ثرية مع الأطباء خلال التدريب، سيتم عقد اجتماعات دورية مع مديري وحدات الرعاية لمتابعة التنفيذ على الأرض، وأضاف أن اختيار منسقين متميزين وتدريبهم لنقل الخبرات إلى زملائهم سيكون جزءاً من آلية نشر المعرفة وتحسين بيئة العمل داخل الوحدات الصحية.
أمل رشدي: الجودة تتحقق من الداخل وتدعمها “جاهار”
قالت الدكتورة أمل رشدي، رئيس قطاع الشؤون الصحية بمحافظة الجيزة، إن وحدات الرعاية الصحية الأولية تشهد تطوراً نوعياً في الأداء، مع اعتماد بعضها من قبل الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية “جاهار”. وأكدت أن تنفيذ الخطة العاجلة يركز على تحسين جودة الخدمة، وأن كل طبيب يُعد عنصراً محورياً في تحقيق رضا المواطنين من خلال ما يقدمه من خدمات دقيقة ومبنية على التدريب العملي الحديث.
بمشاركة فاعلة من قيادات الوزارة وكوادرها التنفيذية، وضعت دورة تدريب أطباء الرعاية الأولية لبنة أساسية في مشروع إصلاح صحي عميق. ومع استمرار الخطط التدريبية، والمتابعة الميدانية، ودعم المبادرات الوطنية مثل “المنشآت الصديقة”، تسير وزارة الصحة نحو نموذج خدماتي أكثر إنصافًا وإنسانية. أما الطبيب، فهو المحرك الأساسي لهذا التحول، والضامن لنجاحه في عيادته، ومع كل طفل يجلس أمامه.