
•قانون جديد ينصف العمال.. وخطة متكاملة لرقمنة الخدمات ودعم المتعثرين من الشركات
•بعد غياب دام أكثر من 20 عامًا انتخاب مصر لرئاسة منظمة العمل العربية
•زيادة قيمة المنح الدورية لـ6 مناسبات سنويًا.. تراوحت بين 500 و1500 جنيه للعمالة غير منتظمة
•استمارة 6 لم يتم إلغائها.. ولكنها خاضعة لضوابط جديدة
•قريبًا.. إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل
•العامل المصري من أمهر وأكفأ العمال.. وهو ما أدى إلى زيادة الطلب عليه في أسواق العمل العربية والأوروبية
•%80 العاملين في الوزارة من النساء.. ونفخر بهذا التمثيل
•رفع الحد الأدنى لصندوق إعانات الطوارئ للعاملين من 600 إلى 1500 جنيه
•توفير 378 ألف فرصة عمل من خلال 42 ملتقى توظيفي على مستوى المحافظات
حوار – آلاء شيحة
يأتي عيد العمال هذا العام بطابع مُختلف في ظل متغيرات اقتصادية وتشريعية كبرى، كونه الأول بعد إقرار قانون العمل الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية في تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، ويؤسس لبيئة مهنية أكثر عدالة واستقرارًا، والذي وصفه كثيرون بالخطوة الجوهرية نحو ترسيخ بيئة عادلة ومنظمة للعلاقات المهنية.
وفي وقت تتسارع فيه خطوات الإصلاح والتنمية، تبذل وزارة العمل جهودًا حثيثة لتحسين بيئة العمل، وتطوير الخدمات المقدمة للعمال في كافة القطاعات، خاصةً في ظل توجيهات القيادة السياسية بضرورة توفير الحماية الاجتماعية والرعاية الاقتصادية للعاملين، سواء داخل الدولة أو خارجها، فضلًا عن دعم العمالة غير المنتظمة، وتنفيذ خطط التدريب المهني بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل.
وفي هذا السياق، كان لنا هذا الحوار مع محمد جبران وزير العمل، للوقوف على أبرز إنجازات الوزارة خلال عام 2025، وعلى رأسها إطلاق خطة متكاملة لميكنة الخدمات وربط مكاتب العمل رقميًا في إطار التحول الرقمي والشمول المالي، ومزايا القانون الجديد، ودور الوزارة في دعم العمال والمؤسسات المتعثرة.
وتطرق الحوار إلى جهود الوزارة في مواجهة البطالة وتوفير فرص العمل للشباب، ودعم العمالة غير المنتظمة، ومساندة المؤسسات المتعثرة من خلال صندوق إعانات الطوارئ، بالإضافة إلى الاستعدادات لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل والسلامة والصحة المهنية. كما تحدث الوزير عن رؤية الوزارة للتعامل مع التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، ودور مكاتب التمثيل العمالي في الخارج، إلى جانب الجهود المبذولة في تمكين المرأة ودمج ذوي الهمم في سوق العمل.
حوار يكشف تفاصيل دقيقة عن السياسات الحكومية في قطاع العمل، ويبرز التحولات الكبرى التي تشهدها بيئة العمل في مصر.
وإلى نص الحوار:
ما أبرز جهود الوزارة في مجال التحول الرقمي؟ وما التحديات التي واجهتموها؟
يُعد أبرز إنجازات وزارة العمل خلال عام 2025 هو إطلاق خطة متكاملة لميكنة ورقمنة جميع خدمات الوزارة، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، وخاصة تلك المقدمة للعمالة غير المنتظمة التي تمثل شريحة كبيرة من المواطنين. بدأنا بالفعل البث التجريبي للخدمات الرقمية، وهو تطور غير مسبوق في أنشطة الوزارة.
واجهنا تحديات كبيرة، أبرزها ضرورة تطوير البنية التحتية الرقمية في جميع المحافظات؛ حيث قمنا بربط 76 مكتب عمل ضمن المرحلة الأولى من أصل 128 مكتبًا مستهدفًا، على أن نستكمل الربط في 20 محافظة خلال المرحلة الثانية. كما عملنا على تحديث أجهزة الحاسب الآلي، وإنشاء منصات إلكترونية لخدمات مثل تسجيل الراغبين في العمل داخل وخارج البلاد، والتقديم على الدورات التدريبية، إلى جانب تطوير منظومة تسجيل العمالة غير المنتظمة، وتحسين بوابة الشكاوى الحكومية.
أطلقنا كذلك منصة “البنية المعلوماتية لسوق العمل”، ومنصة “التدريب عن بعد”، ونظام “تراخيص عمل الأجانب”، وبدأنا رقمنة المستندات الورقية داخل ديوان عام الوزارة، مع إتاحة الإصدارات على منصة “مصر الرقمية” مجانًا. كما نعمل حاليًا على إطلاق سبعة إصدارات إلكترونية جديدة، من بينها ثلاث تخص تراخيص عمل الأجانب، وشهادات القيد وقياس مستوى المهارة.
وفي إطار التعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تعاقدنا مع شركة “3S” المتخصصة لتنفيذ البرنامج على منصة “مصر الرقمية”، حيث بدأنا بخدمات إصدار شهادة القيد (كعب العمل)، وشهادة قياس مستوى المهارة، ومزاولة الحرفة، بما يتماشى مع توجه الدولة نحو الشمول المالي والتحول الرقمي. كما وقعنا بروتوكولات تعاون مع جهات مثل شركة “هواوي” لتنظيم ملتقيات التوظيف، ومع الكيان العسكري لنقل بعض البرامج على خوادم العاصمة الإدارية.
مميزات قانون العمل الجديد؟ وكيف تعاملتم مع التحديات قبل إقراره؟ وما مصير استمارة 6؟
ما قانون العمل الجديد هو مفاجأة حقيقية ونهديها للعاملين في عيدهم هذا العام. هو إنجاز كبير للدولة المصرية، وجاء بعد حوار شامل مع جميع الأطراف المعنية، ليُحقق التوازن بين حقوق وواجبات العامل وصاحب العمل، ويتوافق مع المعايير الدولية.
هذا القانون يؤسس لعلاقة عمل أكثر استقرارًا، ويوفر بيئة عمل ملائمة تشجع على الاستثمار وتضمن الحماية الاجتماعية لجميع الأطراف. كما أنه يسهم في الحد من النزاعات ويعزز من مستويات الرضا الوظيفي. أما بالنسبة لاستمارة 6، فلم يتم إلغاؤها، لكنها أصبحت خاضعة لضوابط جديدة؛ لا يمكن توقيعها إلا داخل مكاتب ومديريات العمل، وبحضور العامل نفسه، وليس عند التعيين، لضمان عدم استغلاله وحماية حقوقه.
ما دور صندوق إعانات الطوارئ للعمال؟ وكيف ساهم في دعم المتضررين؟
صندوق إعانات الطوارئ أحد أهم أدوات الحماية الاجتماعية التي تقدمها الدولة لعمال المنشآت المتعثرة أو المتأثرة بأزمات طارئة، إذ يعمل الصندوق على تقديم إعانات عاجلة لدعم أجور العاملين، تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي، لضمان استمرار دوران عجلة الإنتاج.
خلال الفترة الأخيرة، شهد الصندوق نشاطًا كبيرًا، خاصة تجاه شركات السياحة وغيرها من القطاعات المتضررة. وقد تم رفع الحد الأدنى للإعانة الشهرية من 600 إلى 1500 جنيه، وصرف ما يقرب من 2 مليار و293 مليون و590 ألف جنيه، استفاد منها نحو 429 ألفًا و301 عامل في 3991 منشأة.
ما أهمية انضمام مصر للتحالف العالمي للعدالة الاجتماعية؟
انضمام وزارة العمل إلى التحالف العالمي للعدالة الاجتماعية تحت مظلة منظمة العمل الدولية يعكس التزام مصر المستمر بمعايير العمل الدولية، لقد صادقت مصر على 65 اتفاقية دولية، آخرها اتفاقية العمل البحري، وهي بذلك تؤكد ريادتها في دعم الحقوق النقابية والحريات الأساسية للعمال، وتعزيز مبادئ الحماية الاجتماعية والعدالة.
ومما يزيد من أهمية هذا الانضمام، أن مصر انتُخبت مؤخرًا لرئاسة منظمة العمل العربية بعد غياب دام لأكثر من 20 عامًا، وهو ما يمثل اعترافًا دوليًا بدورها الفاعل وتجاربها الناجحة في تطوير سياسات العمل على المستويين الإقليمي والدولي.
كيف أسهمت وزارة العمل في معالجة البطالة وتوفير فرص عمل حقيقية للشباب؟
وزارة العمل تبذل جهودًا مكثفة لدعم سوق العمل وتحقيق التشغيل الكامل، وقد أثمرت المشروعات القومية التي أطلقتها الجمهورية الجديدة عن توفير فرص عمل واسعة في قطاعات مختلفة. ومن أبرز هذه الجهود، توفير 378 ألفًا و174 فرصة عمل من خلال 42 ملتقى توظيفي على مستوى المحافظات، شملت ملتقيات مخصصة لذوي الهمم، كما لعبت مكاتب التشغيل في مديريات العمل دورًا محوريًا في الربط بين الباحثين عن العمل والفرص المتاحة، إلى جانب النشرة القومية للتوظيف التي تُصدر نصف شهريًا بالتعاون مع شركات القطاع الخاص، والتي تضمنت ما يقرب من 55 ألف فرصة للنساء و20 ألف لذوي الاحتياجات الخاصة.
أما في مجال التوظيف الخارجي، فقد نجحت الوزارة في توفير أكثر من 6 آلاف فرصة عمل من خلال مكاتب التمثيل العمالي في عدد من الدول العربية والأوروبية، إلى جانب إصدار 313 ألف و831 تصريح عمل للمصريين بالخارج.
مع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، ما رؤيتكم لتأثيره على سوق العمل؟ وهل هناك استعدادات حقيقية لمواجهة تحدياته؟
لا شك أن الثورة التكنولوجية التي يشهدها العالم، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، تفرض تحديات جديدة، وقد تؤدي إلى تراجع أو اندثار عدد من الوظائف التقليدية، في المقابل، تنشأ وظائف جديدة تتطلب مهارات مختلفة، ومن هنا، كان لزامًا علينا في الوزارة العمل على استشراف وظائف المستقبل وتحديث خطط التدريب لتواكب هذه التغيرات.
نعمل وفق رؤية القيادة السياسية على إعداد جيل قادر على التعامل مع التحولات الرقمية، من خلال تأهيل الشباب بالمهارات التقنية والرقمية اللازمة. كما أن الدولة أنشأت الجامعات التكنولوجية التي تمثل نموذجًا تعليميًا يربط بين التعليم وسوق العمل، وتسهم في تزويد السوق بعمالة فنية مدربة قادرة على التكيف مع التطورات التكنولوجية.
وأننا تسير بخطى ثابتة نحو بناء سوق عمل عصري ومتوازن، يواكب مستجدات العصر ويحفظ حقوق جميع أطراف العملية الإنتاجية، ومع التحديات المتسارعة التي يفرضها التطور التكنولوجي والاقتصادي.
ما هي الاستعدادات الجارية لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية؟
أنهت الوزارة، بالتعاون مع الشركاء من الداخل والخارج، إعداد الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، التي تستهدف توفير بيئة عمل آمنة وتحقيق معايير العمل الدولية، وضمن هذا الإطار، نظمنا 1650 ندوة توعوية ومبادرة، استفاد منها أكثر من 56 ألف عامل وصاحب عمل، بهدف نشر ثقافة السلامة والوقاية، وضمان بيئة عمل لائقة تُعزز الاستثمار وتحفظ حقوق العامل وصاحب العمل على حد سواء.
ما دور وحدة تكافؤ الفرص في تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة اقتصاديًا؟
الدولة المصرية، من خلال مؤسساتها المختلفة، حريصة على تمكين المرأة في جميع المجالات، ووزارة العمل تُعد أحد أركان هذا التمكين. تعمل وحدة تكافؤ الفرص بالوزارة على تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل عبر برامج تدريب وتأهيل، إضافة إلى شراكات مع منظمات دولية وعربية، إذ بلغ نحو 80% العاملين في الوزارة من النساء، ونفخر بهذا التمثيل، والقانون الجديد يعزز أيضًا مبدأ تكافؤ الفرص للمرأة في سوق العمل، بما يُتيح لهن بيئة آمنة ومحفزة للإنتاج والمشاركة الفعالة.
ومتى سيتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتشغيل؟
الوزارة تعمل حاليًا على اللمسات النهائية للاستراتيجية الوطنية للتشغيل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية وعدد من الشركاء في الداخل والخارج، وتهدف الاستراتيجية إلى التعامل مع التغيرات الطارئة على سوق العمل داخليًا وخارجيًا، بما يشمل أنماط التشغيل الحديثة والمهن المستحدثة، ومن المنتظر إطلاقها قريبًا لتكون وثيقة عمل شاملة تُوجّه السياسات التشغيلية في المرحلة المقبلة.
ما الذي تقدمه مكاتب التمثيل العمالي في الخارج للعمالة المصرية؟
مكاتب التمثيل العمالي وعددها تسعة مكاتب في دول عربية وأوروبية تلعب دورًا محوريًا في حماية حقوق العمالة المصرية بالخارج، وتقديم الدعم القانوني والاستشارات، وخلال الفترة الأخيرة، نجحت هذه المكاتب في توفير 74 ألف فرصة عمل وتسوية 1524 شكوى عمالية، واسترداد مستحقات مالية تُقدر بـ 4.714 مليار جنيه لصالح العمال المصريين، فضلًا عن تقديم 74 ألف استشارة مجانية وتنظيم 727 زيارة ميدانية لمتابعة أوضاع العمال في مواقع العمل.
ماذا عن جهود الوزارة في دعم العمالة غير المنتظمة؟
الوزارة أولت اهتمامًا بالغًا بهذه الفئة، حيث قمنا بزيادة قيمة المنح الدورية لـ6 مناسبات سنويًا، تراوحت بين 500 و1500 جنيه، بإجمالي 686.3 مليون جنيه استفاد منها 185304 عاملًا غير منتظم، كما قمنا بحصر عمال التراحيل تمهيدًا لتخصيص أماكن انتظار لائقة لهم، وقدمنا رعاية صحية واجتماعية لـ3,000 عامل بقيمة 7.7 مليون جنيه، وصرف تعويضات حوادث لـ279 حالة بقيمة 13 مليون جنيه.
وما هي أبرز إنجازات الوزارة في ملف التدريب المهني وتأهيل الشباب لسوق العمل؟
حرصت الوزارة على تطوير منظومة التدريب المهني لتتماشى مع متطلبات السوق، حيث تم تنفيذ 379 برنامجًا تدريبيًا في مراكز التدريب الثابتة التابعة للوزارة، استفاد منها 5793 شابًا وفتاة ضمن المبادرة الرئاسية “حياة كريمة”، كما أبرمت الوزارة بروتوكولات تعاون لتدريب 1810 متدرب، مع التركيز على دمج المرأة وذوي الهمم في برامج التدريب، وتمكينهم من إقامة مشروعات صغيرة بما يتماشى مع خطة الدولة لتحقيق التنمية الشاملة.
كلمة أخيرة توجهها للعمال في عيدهم؟
أود أن أوجه تحية تقدير لكل عامل مصري في عيده، فهم عصب الإنتاج لبناء الوطن، إذ أن العامل المصري من أمهر وأكفأ العمال، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب عليه في أسواق العمل العربية والأوروبية، وسيظل في قلب التنمية، شريكًا رئيسيًا في بناء الجمهورية الجديدة، ومستفيدًا من كل الجهود المبذولة لضمان بيئة عمل آمنة، عادلة، ومحفزة على الإبداع والإنتاج.
وأؤكد أن الوزارة ستظل داعمة لهم، ساعية لتحسين أوضاعهم، وحريصة على ضمان حقوقهم وتعزيز مكانتهم، وأتمنى أن يكون العام الحالي بداية لمرحلة جديدة من الإنجازات في مسيرة العمل والتنمية في مصر.
حوار آلاء شيحة مع محمد جبران وزير العمل