
حسين السمنودي
تواصل وزارة الأوقاف أداء دورها الدعوي والمجتمعي بروح جديدة، تترجم معاني التكافل والشراكة الوطنية في صورة مبادرات عملية ذات أثر حقيقي على حياة الناس. وتأتي حملة صكوك الإطعام والأضاحي التي تنفذها الوزارة كل عام لتجسد هذه الفلسفة، خصوصًا مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، الذي يمثل موسمًا لتجديد مشاعر الرحمة والتراحم بين أفراد المجتمع. وقد نجحت الوزارة هذا العام بقيادة الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري ، في تحويل هذه الحملة إلى مشروع وطني جامع، تشارك فيه الدولة مع المواطنين من أجل إسعاد الفقراء والمحتاجين، ليس فقط في يوم العيد بل قبله وأثناءه وبعده.
وتتجلى عظمة هذه الحملة في بعدها الإنساني، إذ تُسهم بشكل كبير في رفع المعاناة عن الأسر الأكثر احتياجًا، وتوفر لهم لحوماً طازجة أو مجمدة تُدخل السرور إلى قلوبهم في أيام العيد، وتمنحهم إحساسًا بالكرامة والانتماء، وكأنهم يشاركون المجتمع في بهجة الأضحية رغم ظروفهم الصعبة. كما تمتد الحملة زمنيًا لما بعد العيد، من خلال صكوك الإطعام التي تستمر على مدار العام، مما يُحدث نوعًا من الأمن الغذائي والاجتماعي لفئات واسعة من المجتمع المصري.
وقد كان لمحافظة القاهرة حضورٌ قوي في تنفيذ هذه الحملة، بفضل الجهود الكبيرة التي تبذلها مديرية أوقاف القاهرة بقيادة الدكتور خالد صلاح الدين، وكيل الوزارة مدير المديرية، الذي أثبت على مدار السنوات الأخيرة أن العمل الميداني القائم على التخطيط والمتابعة الدقيقة هو أساس النجاح الحقيقي. فقد بدأت المديرية استعداداتها للحملة مبكرًا، من خلال تشكيل فرق عمل مدربة، وتجهيز قاعدة بيانات محدثة عن المستحقين، والتنسيق مع الجهات الشريكة من المجتمع المدني والجمعيات المعنية.
وتحرص مديرية أوقاف القاهرة تحت إشراف الدكتور خالد صلاح على أن يكون توزيع اللحوم مُشرفًا ولائقًا بكرامة المواطنين، حيث يتم التوزيع في نقاط محددة مسبقًا، وبإشراف مباشر من قيادات المديرية والعاملين بها، ويُراعى فيه الترتيب والنظام ومنع التكدس، والتأكد من وصول اللحوم للمستحقين الحقيقيين، دون أي تمييز أو وساطة، في مشهد يجسد روح العدل والمساواة التي يدعو إليها الإسلام.
وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الأوقاف عن أسعار صكوك الأضاحي والإطعام لهذا العام، حيث بلغ سعر صك الأضحية من اللحوم البلدية 9500 جنيه، وسعر صك الأضحية من اللحوم المستوردة 7000 جنيه، أما صكوك الإطعام التي تُوزع لحومها المجمدة على مدار العام فقد بلغ سعر الصك حوالي 400 جنيه فقط، ما يجعل باب المساهمة متاحًا أمام مختلف شرائح المجتمع، من الراغبين في عمل الخير سواء بالقدرة الكبيرة أو بالمشاركة الرمزية.
ولا تقتصر الحملة على البعد الخيري فقط، بل تُدمج معها الجهود التوعوية والدعوية، حيث تقوم واعظات الأوقاف بدور ميداني فاعل في نشر الوعي بقيمة الإطعام، وتوضيح الأهداف الشرعية من الأضحية، وكيف أن الإسلام يجعل من العيد مناسبة لتعظيم شعائر الله وتحقيق التكافل لا مجرد طقس ديني. وكانت الواعظات في القاهرة تحديدًا على قدر عالٍ من الكفاءة، ونجحن في ربط الناس بالقيم العليا للدين، وزرعن بذور الرحمة في نفوس الصغار والكبار خلال لقاءاتهن في الميادين ومراكز التوزيع.
هذه الحملة، بما تحمله من مضمون نبيل وتنظيم رفيع، تعكس الوجه الحضاري لوزارة الأوقاف، وتؤكد أن العمل الدعوي لم يعد خطابة من فوق المنابر فحسب، بل صار ممارسةً حية في الشارع، ويدًا حانية تمتد للمحتاج قبل أن يسمع موعظة، وعطاءً ملموسًا يشعر فيه الفقير أنه في قلب الدولة لا في هامشها.
ويُحسب للدكتور خالد صلاح حرصه الدائم على متابعة الحملة بنفسه، ووجوده الفعلي في مواقع التوزيع، واستماعه للمواطنين، وتذليل العقبات، وتوجيه العاملين إلى أن يكونوا على قدر الرسالة التي يحملونها، وهو ما أعطى للحملة زخمًا كبيرًا، وأكسبها احترام المواطنين في مختلف أحياء العاصمة.
وبينما يستعد الجميع لاستقبال عيد الأضحى، فإن هذه الحملة تُعيد للعيد معناه الحقيقي، وتجعله عيدًا مشتركًا بين الغني والفقير، بين القادر والمحتاج، حيث تلتقي القلوب على مائدة الرحمة، وتتحول اللحوم من عبء على البعض إلى فرحة تدخل بيوتهم بابتسامة من السماء.