
قال مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ما نقصت صدقة من مال .. وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ) ..
هذا ماتذكرته بعد رحيل ( رائد التواضع والرحمه فى العصر الحديث ) ..
وبمجرد سماعى ( خبر وفاته ) شطر الحزن قلبى نصفين .. نصف ينزف على رحيل رجل عشقت كلماته الرحيمه وادمنت كل ليلة قبل النوم قراءة ورقتين او ثلاثه من كتابه ( في السماء والأرض ) .. بالاضافه الى الرسائل الرعويه التى شكلت جزء كبير من شخصيتى و( بلامبالغه ورب السماء ) حفظتها كلها .. وتحديدا رسالة ( عقل مفتوح .. وقلب مؤمن ) ورسالة ( عن اتهام الذات ) .. نصف قلبى ينزف على رحيل رجل تعلمت من سلوكه وكلماته ومواقفه معنى الرحمه والتسامح .. وتقريبا هو الشخص الوحيد من الشخصيات العالميه .. تعلمت من اسلوب حياته وروعة تعامله مع العالم كله .. تعلمت الكثير والكثير .. و ترك الاثر الفعال فى حياتى .
عرفت من اسلوبه قيمه وروعة وعظمة التواضع .. عرفت من ( نمط ) حياته ان اعظم رجال الكون واقوى الشخصيات فى العالم هم اهل التسامح والرحمه .. عرفت ان الذكاء هو احتواء الشر وبرمجته حتى تأمن .. وان الفشل كل الفشل والضعف كل الضعف ان تعادى من يعاديك .
عرفت معنى وسحر الابتسامه فى وجه الخصوم والكارهين .. والاهم والاهم عرفت معنى وعظمة وروعة الانسان الذى تدمع عينيه .. ولعل الحبيب المصطفى ( مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هو اول من اكد لنا ذلك .. اول من قال عن ( فيضان الدمع ) فى حديثه :
( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده .. وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .
النصف الاخر من قلبى الذى شطره الحزن .. كان ينزف على اطفال غزه الابرياء والشهداء والمرضى … وضحايا الحرب فى السودان .. وفى كل بلد دمرتها الحروب وثورات ( الربيع الملوث ) .. والفقر والمجاعه والاوبئه التى انتشرت فى الدول الفقيره .. والانتهاكات التى تتعرض لها حقوق الانسان .. كلها امور شغلت الراحل العظيم ( البابا فرنسيس ) بابا الكنيسة الكاثوليكية ( سيد دولة الفاتيكان ) من عام 2013 وحتى رحيله يوم 21 ابريل الجارى .. بكى من اجل الاطفال الابرياء .. بكى من اجل الشهداء .. نزف قلبه على ضحايا الحروب فى العالم .
بابا الفاتيكان ( ايقونة التواضع ) وكما قالت عنه الصحف العالميه عندما اصبح رأس الكنيسه الكاثوليكيه :
( دخل القلوب من دون استئذان .. اما مفتاحه إلى تلك القلوب .. فكان الكثير من البساطة والتواضع.. إلى جانب أقوال وأفعال عظيمه في الإنسانية .. ويستحق لقب بابا الناس .
من فى العالم كله لايتذكر قرار تبنيه قضية اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين – ولما لا ؟ – وقد وصفته الصحف العالميه بانه وضع البشر في طليعة اهتماماته .. عندما اقترب منهم وأصغى إليهم وهم ايضا بادلوه تلك المحبة .
والله انى ابكى الان وانا اتذكر ذلك التقليد الغريب العجيب المذهل .. وهوتقليد خاص بعيد القيامة عند الاحبه اهل الديانه المسيحيه :
غسل البابا فرنسيس عام 2013 أقدام 12 سجيناً وقبلها .. اما الاغرب من ذلك ان من بين هؤلاء السجناء الأحداث سجناء من ( المسلمين ) ولم تقتصر الرتبة الكنسية على أبناء الطائفة المسيحية … والصدمه الكبرى التى صدمت اهل الغرور والتعالى والتكبر .. وصدمت العالم كله سنة 2019 .. لحظة ان ركع البابا فرنسيس ووضع قبلة رحمه وتوسل فوق أقدام قادة جنوب السودان المتناحرين في موقف ان دل فانما يدل على توسله لهم كي لا يعودوا إلى الحرب الأهلية .. واصيب رئيس جنوب السودان ( سلفا كير ) بالذهول والدهشه لحظة ان جثا البابا بصعوبة وكان قد اقترب من عمر الـ82 عاما و ( لثم أحذيتهم ) .. وانفجرت دموع اغلبية الحضور
ما هذا التواضع ؟ من هذا الرجل ؟ .. من هذا الملاك الرحيم المتواضع (؟) .. من هذا القوى الشجاع البطل الذى كان اكثر من غيره رحمة وانسانيه عندما انتقد بعنف الحرب الإسرائيلية على غزة .. وصف البابا فرنسيس الضربات الإسرائيلية الجوية على القطاع الفلسطيني بالوحشية .. وفي نوفمبر 2024 حث المجتمع الدولي على التحقيق فيما إذا كان ما يحصل في غزة هو إبادة للفلسطينيين ..
وما لايعرفه كثير من شباب وطنى الاعزاء وقراء اعمالى الفكريه عن بابا الفاتيكان الراحل انه عاش الفقر والحرمان والتنمر وتعرض للاشاعات فى فجر شبابه .. ونالت منه النفوس الضعيفه ( القذره ) نعم .. نعم بابا الفاتيكان عرف الفقر .. ولاتندهش ياعزيزى القارئ ان قلت لك انه بدأ مسيرته عامل تنظيف وحارساً ليلياً .. قبل أن ينتقل للعمل في أحد مختبرات العاصمة الأرجنتينية التى ولد فيها يوم 17 ديسمبر من عام 1936 وتمر الايام والشهور والسنون ثم ( وصلت ) الدعوة الدينية وهو فى عامه الــ 28 فأوحت له بها جلسة اعتراف مع أحد الكهنة .. وتمضى به السنون .
وعندما وصل الى منصب رئيس أساقفة بوينس ايرس عام 1998 لم يتغير وظل متواضعا ( بسيطا ) قانع راض .. بشوش عطوف حنون هادئ حكيم متزن .. وظل يطهو طعامه بنفسه .. ويتنقل بسيارة ( فيات ) قديمه هى وسيلته الممتعه في تنقلاته اليومية .. والمثير للابتسام انه كان يخصص وقتاً للعب كرة القدم مع أطفال الأحياء المحرومة… التى سيطر عليها الفقر ..
وعندما اصبح الرجل اكثر انسان فى الكون كله اهميه واحتراما وتقديرا وحبا .. لم يتغير وظل حنونا عطوفا متواضعا .. رجل عشق السلام والمحبه والاخاء والتسامح .. وظل الباكى ذو الدموع الملائكيه القوى المتسامح الشجاع المتواضع الوقور ذو الهيبة .. انه مثل وايقونه ومُعلم لكل عشاق الرحمه اهل المحبه والتسامح الاقوياء الذين ينظرون بشفقه على ( الضعفاء ) اهل الشر والكراهيه والعداء والحقد والغل والحسد والغيبة والنميمه من سفهاء العالم .
ياعزيزى الشاب :
اجعل التواضع عنوانك ( ستصبح اكثر الناس هيبة ووقارا ) .. اغفر وكن من اهل التسامح ( هذه صفة الاقوياء النبلاء ) .. لاتعادى اهل الشر ( فقط لاتخاطبهم ) لانهم سفهاء .. ليسوا سفهاء فقط بل ( جهلاء ) .. نعم وربى هم جهلاء ويكفى ياعزيزى الشاب ان تتذكر دائما قول الله جل علاه وتقدست اسماؤه فى كتابه الكريم الايه 63 من سورة الفرقان :
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) .
ياعزيزى الشاب .. تعلم من اهل ( الاعتدال ) من المفكرين والفلاسفه والادباء .. و من اهل الاعتدال من رجال الدين المسيحى والاسلامى .. تعلم ( الحكمه والتواضع .. والتسامح والمحبه ) تعلم من سير السلف الصالح والانبياء كيف تعيش بين الناس .. ( ان فن التعامل مع الناس) يحتاج الى مهارات وقدرات من السهل جدا ان تتعلمها سريعا ياعزيزى . هذا ان كنت من هواة القراءة والاطلاع وعاشق للثقافه .. لكى تفهم الدنيا واهل الدنيا ..
ان فهم الشخصيه ودراستها وتحليلها ( امر رائع ) انا شخصيا ( استثمرت ) سنوات طويله جدا فى هذا الامر .. وسبحت فى بحار( علم النفس ) منذ فجر شبابى .. والان اجد متعه مابعدها متعه وانا بين الناس اراقب واستمع واشاهد .. ثم احلل بصمت وهدوء و( سرا ) مل من خولى من شخصيات .. وعليه امارس التعامل بكل سهوله مع تلك الشخصيات التى منها وبنسبه قليله جدا جدا اهل شر وحقد وكراهية .. وبفضل الله ثم هؤلاء العظماء الذين تعلمنا منهم كيفية التعامل مع الدنيا ومع اهل الدنيا وصلت الى مرحلة ممتازه من فهم كثير جدا من الناس وان كنت اشفق على البعض منهم وتحديدا المرضى بامراض نفسيه مزمنه يصعب علاجها خاصة انهم لايعلمون انهم ( مرضى ) بامراض نفسيه خطيره .. هنا لابد من المزيد والمزيد من ثقافة علم الانسان … وهو علم بالغ الاهميه .. نعم علم الانسان ( Anthropology ) مهم جدا فى عالم الثقافه .. فالثقافه والاطلاع سلاحك ياعزيزى الشاب .. و لامانع ابدا من اطلاعك على علم النفس ( Psychology ) ويمكنك متابعتى على جميع صفحاتى والمواقع الخاصه بى والصفحه الرسميه و(هذه الصفحه) والصفحه الانجليزيه وصفحة (دايركشن تو) وحسابى على منصة( باز ) Baaz .. اما عن اعمالى بشكل عام فهذا من خلال حسابى على ( لينكد ان ) LinkedIn …
بمقالى هذا عن رحيل بابا الفاتيكان اكون قد وصلت الى جزء كبير جدا من الراحه .. فالحزن على رحيله اشعل بداخلى بركان الحزن على رحيل كثير جدا من العظماء الذين تأثرت بهم وبأعمالهم التى كانت سببا فى تشكيل شخصيتى ولابد ( للمكبوت من فيضان ) … والان حان موعد اسدال ستار الحزن