
عبدالرحيم عبدالباري
معجزة طبية في مستشفى الشيخ زايد: إنقاذ حياة سيدة حامل وجنينها بجراحة قلب مفتوح
في إنجاز طبي استثنائي، نجح فريق طبي متعدد التخصصات في مستشفى الشيخ زايد التخصصي، التابع لأمانة المراكز الطبية المتخصصة، في إنقاذ حياة سيدة حامل تبلغ من العمر 37 عامًا، كانت تعاني من جلطة خطيرة في الصمام الميترالي الصناعي، وذلك من خلال إجراء عملية قلب مفتوح دقيقة، تكللت بالنجاح وخرجت منها الأم والجنين في حالة مستقرة، هذا الحدث يعكس الكفاءة العالية والخبرة الطبية المتقدمة التي أصبحت متاحة في المستشفيات المصرية، ويمثل مثالًا مشرفًا على تكامل الرعاية الصحية في مواجهة التحديات الحرجة.
استقبل قسم الطوارئ في مستشفى الشيخ زايد التخصصي حالة حرجة لسيدة حامل في شهرها الخامس تعاني من صعوبة شديدة في التنفس، وعلى الفور، باشر أطباء الطوارئ باتخاذ الإجراءات الطبية الأولية، وجمع التاريخ المرضي بدقة، حيث تبيّن أن السيدة قد خضعت في وقت سابق لعملية قلب مفتوح تم خلالها استبدال الصمامين الأورطي والميترالي بصمامات معدنية، هذه المعلومات كانت حاسمة في توجيه خطة العلاج السريعة والفعالة التي تم اعتمادها لاحقًا، وأظهرت مدى جاهزية الطواقم الطبية للتعامل مع مثل هذه الحالات المعقدة.
أظهرت الفحوصات الطبية والأشعة التشخيصية وجود جلطة دموية في الصمام الميترالي الصناعي، مما تطلب تدخلاً جراحيًا فوريًا لإنقاذ حياة السيدة، التحدي الأكبر كان يكمن في كون الحالة متقدمة في الحمل، مما زاد من المخاطر المحيطة بأي تدخل جراحي، وتبيّن أن نسبة نجاح العملية، وفقًا لأحدث الإحصاءات الطبية العالمية، لا تتجاوز 50%، وهو ما فرض على الفريق الطبي مسؤولية كبيرة في اتخاذ القرار المناسب بسرعة وبدقة عالية.
رغم تعقيد الحالة ورفض مراكز طبية أخرى استقبالها، قرر فريق مستشفى الشيخ زايد التخصصي التدخل الجراحي دون تأخير، وتم تشكيل فريق طبي متكامل بقيادة الدكتور علي حسن طاهر، استشاري جراحة القلب والصدر، لبدء التحضير للعملية الجراحية، وقد جرى التنسيق بين أطباء القلب والتخدير والنساء والتوليد لضمان أعلى درجات الأمان خلال العملية، خصوصًا مع وجود جنين في مرحلة حرجة من النمو.
استغرقت العملية نحو أربع ساعات، واستُخدمت خلالها تقنيات طبية متقدمة مثل ماكينة القلب الصناعي وتقنية “Pulsatile Flow”، التي تتيح محاكاة النبض الطبيعي أثناء الجراحة، تم استبدال الصمام الميترالي الصناعي للمرة الثانية بنجاح، في عملية دقيقة للغاية تطلّبت توازناً مثالياً بين الحفاظ على استقرار الدورة الدموية للأم وضمان استمرار حياة الجنين في آنٍ واحد، وهو ما يعتبر تحديًا طبيًا كبيرًا نجح الفريق في تجاوزه باحترافية عالية.
من أبرز عوامل نجاح العملية، حسب ما أشار إليه الدكتور علي حسن، كان الحفاظ على درجة حرارة الجسم واستقرار ضغط الدم خلال الجراحة، وهو ما ساهم بشكل مباشر في حماية الجنين من الخطر، وبعد العملية، تم نقل السيدة إلى جناح رعاية القلب والصدر، حيث خضعت لمراقبة دقيقة لمدة 48 ساعة دون الحاجة إلى أدوية داعمة لعضلة القلب، مما يؤكد نجاح التدخل الجراحي بشكل فائق التوقعات.
خرجت السيدة بعد خمسة أيام من المستشفى برفقة جنينها في حالة مستقرة، وتم تحويلها لمتابعة الحالة بالعيادات الخارجية، الحدث لقي إشادة واسعة من إدارة المستشفى، حيث اعتُبر إنجازًا يضاف إلى سجل النجاحات الطبية في القطاع الحكومي،
وأكد الدكتور صلاح جودة، مدير المستشفى، أن العملية أُجريت بالكامل على نفقة الدولة، دون أن تتحمل المريضة أية أعباء مالية، في لفتة إنسانية تبرز التزام الدولة بتقديم الرعاية الصحية الشاملة للمواطنين.
ضم الفريق الطبي مجموعة من نخبة الأطباء من مختلف التخصصات، وقد قاد الجراحة الدكتور علي حسن طاهر، بمعاونة الدكتور عمرو عطية والدكتورة مروة رمضان، بينما تكاملت جهود التخدير بقيادة الدكتور معتز صلاح والدكتورة شيماء حامد، وشارك فريق النساء والتوليد بقيادة الدكتور عماد صلاح والدكتور إسلام الكومي، إلى جانب أطباء القلب والطوارئ، مما يُظهر صورة رائعة للعمل الجماعي والتنسيق بين الأقسام، ويبرهن على أن التكامل بين التخصصات هو مفتاح النجاح في مثل هذه العمليات المعقدة.
هذا الإنجاز لا يعكس فقط الكفاءة الطبية بل يؤكد على أهمية الاستثمار في تطوير البنية التحتية الصحية، وتوفير الأجهزة والتقنيات الحديثة في المستشفيات الحكومية، كما يبرز الدور المحوري للعاملين في المجال الطبي، من أطباء وتمريض وفنيين، في تقديم خدمات صحية متقدمة للمواطنين، نجاح هذه العملية يُعد إنجازًا طبيًا بامتياز، ورسالة أمل لكل مريض بأن منظومة الصحة المصرية قادرة على تحقيق معجزات، بفضل الكفاءات الوطنية والتكنولوجيا الحديثة.
ختامًا، تُمثل قصة إنقاذ هذه السيدة الحامل وجنينها علامة مضيئة في مسيرة التطور الطبي بمصر، ودليلًا حيًا على ما يمكن تحقيقه من خلال العمل الجماعي والتخصصي والتفاني في أداء الواجب، لقد نجح فريق مستشفى الشيخ زايد في تقديم نموذج يحتذى به في الرعاية الصحية، مؤكّدين أن الأمل لا يغيب مهما كانت التحديات، وأن الحياة تستحق دومًا أن تُمنح فرصة جديدة.