في لحظة ينتظرها التاريخ وتُسجّلها ذاكرة الإنسانية بحروف من نور، تُفتَح أبواب المتحف المصري الكبير أمام العالم على أرض مصر، أرض المعجزات ومهد الحضارات، لتُطلّ على الكون من جديد بهويتها الخالدة وتُعلن أن مصر لا تُقهر ولا تُشيخ ولا تنطفئ أنوارها مهما مرّ الزمان. إنه ليس مجرد متحف، بل أعظم مشروع ثقافي وحضاري في القرن الحادي والعشرين، صرح يليق بعظمة الأجداد وبهيبة التاريخ الذي لا مثيل له على وجه الأرض. منذ أن كانت الفكرة بذرة حلم في عقول المفكرين والمخلصين، حين أطلقها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ليضع أول حجر في طريق الحلم، وحتى يومنا هذا حيث تجسدت الرؤية واقعًا ملموسًا على يد القائد الملهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي حمل الأمانة وصنع من الحلم واقعًا مهيبًا يليق باسم مصر العظمى، كانت الأيدي المصرية المخلصة تعمل في صمت لتصوغ للعالم لوحة من الإبداع عنوانها: هنا قامت أول حضارة، ومن هنا انطلقت أنوار الإنسانية.
تتجه أنظار العالم كله إلى القاهرة، حيث تتوافد الوفود والملوك والرؤساء من شتى بقاع الأرض ليشهدوا الحدث الأعظم، يأتون إلى مصر لا كمجرد زائرين بل كشهود على عظمة لا تُكرَّر وعلى حضارة لا تزال تُدرّس للعالم معنى البقاء ومعنى الهوية ومعنى القوة الناعمة التي لا تُقهر. من أهرامات الجيزة التي تتلألأ في خلفية المتحف إلى ممرات العرض التي تحتضن مئات الآلاف من القطع الأثرية النادرة، يقف الزائر مشدوهًا أمام عظمة المصري القديم الذي خطّ بيديه قصة الإنسان الأولى وسجّل على جدران المعابد أولى دروس الحضارة والعدالة والعلم والفن والإيمان.
ليس غريبًا أن تكون مصر هي صاحبة أول متحف وأول جيش وأول دستور للضمير الإنساني، فهنا بدأت الفكرة وهنا تعلّم الإنسان معنى الخلود. واليوم بهذا الافتتاح المهيب تُعلن مصر من جديد أنها تملك مفاتيح الماضي والحاضر والمستقبل، فهي الدولة التي احترمت تاريخها وكرّمت أجدادها وصنعت لأبنائها منارة ثقافية تشهد على أن الأمة التي تحفظ ماضيها تصنع مستقبلها بكرامة وفخر. تحية لكل يد مصرية ساهمت في بناء هذا الصرح العظيم، من المهندس الذي صمّم إلى العامل الذي وضع الحجر إلى العالم الأثري الذي صان قطعة من ذهب أو حجر أو بردية إلى القيادة الحكيمة التي آمنت بأن الثقافة هي السلاح الحقيقي للأمم العظيمة.
تحية إلى الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي أطلق شرارة الفكرة، وإلى الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي حملها إلى أرض الواقع وجعلها فخرًا للعالم أجمع. ستظل مصر قبلة العاشقين للحضارة ووجهة الباحثين عن الجمال ومصدر الإلهام لكل إنسان، وستظل مصر بشعبها ورئيسها وجيشها وأرضها وتاريخها الدرّة التي تتلألأ في تاج الإنسانية. فليفتخر كل مصري بهذا اليوم، وليعلم العالم أجمع أن مصر لا تُروى بل تُعاش، وأن المتحف المصري الكبير ليس نهاية قصة بل بداية فصل جديد من فصول المجد المصري الخالد