
قد يكون لها تداعيات سلبية علي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن فيما تم منذ أيام كشفه من وثائق سرية تمثل خطر علي الامن القومي علي حد زعم الجمهوريون في الكونجرس الأمريكي. وكان وزير العدل الأمريكي ميريك جارلاند قد عين مدعياً خاصاً للتحقيق في هذه القضية والتي يقولون أن بايدن تعامل مع وثائق مصنفة بأنها “سرية”، والتي تم العثور عليها مؤخراً في منزل بايدن وفي مكتب كان يستخدمه بعد مغادرة منصب نائب الرئيس، إبان إدارة باراك أوباما.
وطبقاً لما هو معروف عن الديموقراطية في أمريكا، فكان رد الفعل علي هذه القضية المثارة أن تحدث بادين في اكثر من مرة عن تعاونه والبيت الأبيض مع ما يتم من تحقيق وكشف كافة الملابسات وبالطبع كلف محاميه للقيام بالدفاع عما قد يوجه له من أتهامات، فهل تلك الممارسات ضد بايدن تعمل بصورة ممنهجة من قبل ما يعرف بالدولة العميقة ويحركها الحزب الجمهوري بما فيهم الرئيس السابق دونالد ترامب؟.
دولة داخل الدولة أو ما يعرف ب”الدولة العميقة” هو مفهوم شائع يستخدم كي يصف كيانات أو اجهزة أو حتي أحزاب تتحكم في وتوجه سياسات البلد وهي رسمياً لم تكلف أو تنتخب لكنها تسعي للحكم وتوجيه مقادير ومصائر هذه الدولة التي تتواجد فيها. أشخاصها لهم مصالحهم الواسعة، وامتداداتها العريضة في الداخل والخارج. ونقطة القوة في هذا التنظيم الغير رسمي أن عناصره الأساسية لها وجودها في مختلف مؤسسات ومفاصل الدولة، المدنية، والعسكرية، والسياسية، والإعلامية، والأمنية، الأمر الذي يوفر لتلك العناصر فرصة توجيه أنشطة مؤسسات الدولة الرسمية، والتأثير في القرار السياسي. قد تتكون الدولة العميقة لأهداف تآمرية علي نظام الحكم، أو في المقابل قد يكون لها أهداف بناءة وتصب في صالح الدولة.
الملفت للإنتباه ولم يثير دهشتنا هو تفتيش بيت وتفاعل رئيس أمريكا جو بادين تجاه تلك الإتهامات الموجهة إليه، فلم يأمر بسترها أو إنكارها أو زج من قاموا بذلك في السجون بحجة أنهم متآمرين ضده، وغير ذلك مما يحدث في بعض البلدان الأخري. بل كلف محامي للدفاع عنه وحتي في رد فعله علي كشف تلك الوثائق تحدث للصحفيين بأن في الأمر بعض الملابسات والتي سوف يتعاون مع المحققين للكشف عنها للوصول للحقيقة ووقوف المواطنين علي كل ما يتم في هذا الأمر. هذه السياسات والأفعال من قبل الرئيس وحزبه لتأكيد مصداقيتهم لضمان ثقة الشعب والناخبين بهم.
ومعروف في ثقافات هذه البلاد الغير ديموقراطية أنه مهما كان جرم الرئيس فلا يجرؤ أحد أكبر الظن مهما كان ان يكشف عن وثائق أو أسرار أو يقبل علي رفع دعوي أو القيام بفعل يتعارض مع سياسة رئيس البلد إلا بعد رحيل الرئيس عن الحكم، عند ذلك تتكشف الأسرار وتخرج الوثائق ومعها الجرأة وصحوة الضمائر من مخبأها وتتسارع الأقلام والأشخاص في كشفها لنيل مكاسب مادية أو معنوية وما أكثر ما كشفته كتب التاريخ عن وثائق لديكتاتوريات خلفت الكثير من المآسي والعبر لشعوبهم.