
الشاعر الفرنسى الكبير والسياسى العملاق ( الفونس دي لامارتين ) الذى ( لمع نجمه ) بقوة بعد ثورة 1848 فى فرنسا .. وذادت جماهيريته اكثر بعد ان تولى رئاسة الحكومة المؤقتة بعد تلك الثورة التى يطلق عليها عمالقة السياسه عبارة ( Revolutions of Europe ) وقد سرقت بعض دول العالم الثالث فى المنطقه العربيه – المتأخره – .. سرقوا العباره وتحولت الى عبارة الربيع العربى عكس الحقيقة التى تقول ان ذلك الذى يطلق عليه الربيع العربى هو فى الحقيقه ( الجحيم العربى او الخريف العربى ) … او كما يقول لسان حال كل من اصابه الضرر من تلك الاحداث الدمويه انها ليست ربيعا عربيا .. بل ( المسخره ) العربيه – !!!! –
نعود الى السياسى الكبير والشاعر العظيم ( الفونس دى لامارتين ) رائد الرومانسيه العظيم … هذا العملاق قرأت له كتاب من 12 عاما تقريبا شد انتباهى خلال زيارتى لمكتبة ( سانت جانفيف ) فى باريس منتصف صيف عام 2012 … وكان صعبا الحصول عليه من تلك المكتبه .. لان وقت ذاك الكتب فى المكتبه ( للقراءة ) فقط او الاستعاره للمواطن الفرنسى فقط او المقيمين وليس زائر البلد ..وكان لدى اصرار شديد جدا وعزيمه لشراء هذا الكتاب .. وتحقق حلمى وحصلت عليه .. كتاب اسمه ( سقوط ملاك ) وهنا نقف عند ملاحظه بالغة الاهميه للقارئ ( المثقف ) – فقط – وهذه الملاحظه هى ان كتاب ( سقوط ملاك ) للكاتب والسياسى الفرنسى تختلف تماما عن كتاب ( سقوط الملاك ) للكاتب والمخرج والممثل اليبانى الراحل ( يوكيو ميشيما ) .. لذلك ارجو الانتباه .. والان نعود لموضوعنا :
ماشد انتباهى فى كتاب الشاعر والسياسى الفونس دى لامارتين .. عبارة قالها فى هذا الكتاب ترجمتها الى العربيه فكانت :
(( سقوط انسان فى هذا العالم الشرس لايشكل اى اهميه … ولكن الكارثه ان يسقط ملاك .. فكيف تتحمل الارض مسئولية ملاك يعيش فى عالم الانسان .. وما الذنب الذى ارتكبه هذا الملاك لكى يسقط ؟! ))
بعد سبع سنوات من قراءة هذه العباره .. اكتشفت ان السياسى والشاعر الكبير ( الفونس دى لامارتين ) كان يشير بعبارته تلك الى شخصية ( كوازيمودو ) بطل رواية ( The Hunchback Of Notre Dame) او كما يحب البعض ان يطلق عليها ( احدب نوتردام ) مع العلم ان اسم الروايه باللغه الفرنسيه هو ( Cathedrale Notre-Dame de Paris) لكاتبى المفضل والاحب الى قلبى وعقلى الكاتب العظيم ( فيكتور هوجو ) .. وبالمناسبة ايضا .. لمن لايعرف .. فان صاحب عبارة ان فيكتور هوجو هو ( شكسبير الروايه ) هو العظيم نفسه ( الفونس دى لامارتين ) الذى تأثر كثيرا بالكاتب العظيم فيكتور هوجو … ومن ياساده ياكرام من اهل الفكر والادب والثقافه بشكل عام لم يتأثر بالعملاق فيكتور هوجو … ذلك الرجل الذى تصدى للظلم والكراهيه والطغينه .. وتعاطف مع الضعفاء واصحاب القلوب الرقيقه وضحايا ( التنمر ) … فهو يرى الجمال فى الشيئ الذى يراه الظالم ( شيئ قبيح ) لان قبيح الاخلاق واللسان يرى كل شيئ قبيح مثله … …. وقد تعلمنا من سطور روايته معنى الرحمه ومعنى الانسانيه .. انا شخصيا بكيت بشده اثناء قراءة حوار بطل الروايه – كوازيمودو .. او ( الاحدب ) مع بطلة الروايه ( أزميرالدا ) الساحرة الجمال والتى وصفها فيكتور هوجو بوجه الملائكه .. بكيت وان بين سطور الروايه واعيش مع كل كلمه رقيقه كلها عطف وحنان من ازميرالدا لرجل تراه عيون الناس ( قبيح الوجه والمظهر ) .. بل ان الناس تصفه بالمرعب المخيف .. ولكن ازميرالدا تراه بعيون قلب رحيم .. بكيت عند عبارة ازميرالدا لكوازيمودو وهى تقول :
– الناس ترى وجهك وجسدك فقط ولاترى قلب الملاك الذى بداخلك …
للاسف ياعزيزى القارئ نحن لانرى الاخر بشكل صحيح .. لانرى ( قلوب الملائكه ) التى تسكن داخل كثير من البشر .. ولذلك تصعب الحياه مع كثير من البشر العاشقون للشر والتنمر والكراهيه وعدم الرحمه …
ولعلى اتذكر الان ماقرأته عن السياسى العظيم ( الفونس دى لامارتين ) الذى قرر اعتزال السياسى عام 1852 بعد ان رأى ان هناك ممارسات شيطانيه ( قذره ) من الذين اقتحموا عالم السياسه .. لدرجة أن ( اليمين الكاثوليكي في السلطة ) انتهى تماما ولم يعد له اهميه او وجود على الساحه وقتذاك .. وانتشار نهج سياسى جديد و( غامض ) .. اغلب عناصره شياطين الطباع .. بل ان المجتمع نفسه تحول الى مجتمع سيئ الطباع .. عندها قال الشاعر العظيم الذى كان رائدا للرومانسيه :
– ماتت ( قلوب الملائكه ) فى اشارة منه الى ان بعض البشر الذين تحلوا بصفات ملائكيه لم يعد لهم مكانا بين سفهاء السياسه والصعاليك …
والرجل يقول الحق .. فان عالم السياسه عندما تسقط عليه الصعاليك والسفهاء واهل الشر واهل المكائد و( المراهقين ) سياسيا … لم يعد هو العالم الذى يستحق البقاء فيه .. والاعتزال افضل قرار حتى وان كان بشكل ( مؤقت ) فالمعارك مع ضعفاء النفوس والمرضى بامراض نفسيه عنيفه هى خسارة وقت ثمين للاقوياء .. والمعارك لابد وان يكون فيها فرسان نبلاء وليس سفهاء وصعاليك … خاصة ان كان الذى يمارس سياسه يسير على نهج ( السياسه النظيفه البعيده عن الانعكاسات السلبيه لفن الاغواء و ايضا البعيده عن الفساد ) والبعيده ايضا عن ( السفاله ) … هذا الفئه من اهل السياسه النظيفه عليهم ان يرحلوا نهائيا ويعتزلوا هذا النوع من السياسه القذره .
بين رواية ( نوتردام باريس ) .. وفكرة ( قلوب الملائكه ) اجد نفسي فجأة اشتاق الى اداب واخلاق وصفات رسول الله صلى الله عليه وسلم .. صاحب الموده والرحمه والود والحنان والعطف والصدق … وماقاله فى ( خطبة الوداع
اجد نفسى اقف احتراما وتقديرا لتعاليم السيد المسيح ورسالة المحبه والغفران وماذكره فى ( موعظة الجبل ) ..
كلما تذكرت ماقرأته عن محبة وتسامح وتعاليم ومواعظ انبياء الله جل علاه .. تسقط دمعتين حزينتين وانا اردد عبارة او دعاء قاله اكثر من نبى :
( اللهم اغفر لقومى فأنهم لايعلمون … )
لم تكن الكتب والروايات العالميه الرائعه العظيمه هى كل مايعبر عن حسن المعامله او تنقية القلوب .. انما الرسائل السماويه كلها تنادى بالرحمه والمحبه والتسامح والتواضع .. ونشر السلام والموده والاخاء والمساواة والعدل وانصاف المظلوم وحماية الضعيف واحترام ادمية الانسان وحقوقه ..
ومن اجمل ماقرأت هذا العام .. ان ( الأرض كلها تحتفل في السادس عشر من نوفمبر من كل عام باليوم العالمي للتسامح .. وهذا اليوم يثير في القلب معان كثيرة .. ومشاعر متنوعة .. فالتسامح قيمة عظيمة احتاج إليها الناس في كل عصر مضى .. وتتأكد حاجة العالم إليها الن في ظل ما يعانيه من أحداث كارثيه مؤلمه .. بل دموية أحيانا )
وصدق لسان الذى قال فى مقال من مقالاته :
-( التسامح الذي نعرفه .. هو صفح وعفو وتعايش وود وبر وصلة .. أما هذا التسامح الذي لا نراه إلا في الأوراق ولا نسمع به إلا في القرارات والمواثيق والمعاهدات فأرجو أن يجد طريقه لبلاد سالت دماء أهلها ظلما وعدوانا ) ..
اما انا محمود يحيي سالم .. اقول :
العيش مع كوازيمودوا داخل كاتدرائية نوتردام مع فكرة قلوب الملائكه افضل بكثير من العيش مع الذين ماتت قلوبهم … و ( لكن ) يبقى الامل ..
وفى النهاية الخير والبقاء للقلوب الهادئه الحالمه … فى النهاية سيعم السلام وتنتشر المحبه وتعيش قلوب الملائكه ولن تموت مشاعرها مهما طال صراع الاجيال …. فالغد ( مشرق ) والحياه لاتزال جميلة ولاتزال فيها قلوب بشر تحمل صفات الملائكه .. ولكن ياعزيزى القارئ .. ارجوك تذكر دائما قول الله تعالى فى سورة الاسراء الايه 95 :
( قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا )