
في عالمنا العربي، هناك علاقات لا تبنيها المصالح المؤقتة ولا تُهزها الرياح السياسية، بل تقوم على أواصر الأخوة والتاريخ والمصير المشترك. من بين هذه العلاقات الراسخة، تبرز العلاقات بين مصر والكويت، اللتين شكّلتا عبر عقود من الزمن نموذجًا فريدًا للوحدة والتضامن العربي. “هنا القاهرة… هنا الكويت”، ليست مجرد عبارة إعلامية، بل عنوان لقصة حقيقية عنوانها الوفاء، أبطالها شعوب وقيادات تربطهم مشاعر صادقة ومواقف لا تُنسى.
دور مصر في استقلال الكويت 1961: دعم لدولة عربية شقيقة في نيل استقلالها
فكانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بدولة الكويت بعد اعلان استقلالها وساهمت في بناء النهضة الكويتية فكانت جنبا الى جنب يد تبني والأخرى تعلم.
دور الكويت في حرب أكتوبر: دعم من القلب إلى الجبهة
حين خاضت مصر حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 لاسترداد الأرض والكرامة، لم تكن وحدها. فقد وقفت الكويت إلى جانبها موقفًا مشرفًا، يعكس روح الأخوة العربية، وقدمت دعمًا ماليًا سخيًا للمجهود الحربي المصري، وأرسلت كتيبة من قواتها المسلحة للمشاركة على الجبهة السورية، في مشهد يعكس التلاحم العربي الحقيقي. كما كانت من أوائل الدول التي شاركت في استخدام سلاح النفط في المعركة، عبر وقف تصديره للدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، في خطوة تاريخية عززت وحدة الصف العربي.
مصر والغزو العراقي: موقف لا يُنسى في الدفاع عن الكويت
ولأن الوفاء لا يُقابل إلا بالوفاء، وقفت مصر بكل قوتها إلى جانب الكويت خلال الغزو العراقي عام 1990. لم تتردد في إعلان رفضها القاطع للعدوان، وساهمت بشكل فعّال في تشكيل التحالف الدولي لاستعادة الشرعية الكويتية، وشاركت بقواتها العسكرية ضمن عملية “عاصفة الصحراء”. كان موقف مصر في تلك اللحظة مفصليًا، نابعًا من إيمانها الراسخ بعدم التفريط في سيادة أي دولة عربية، ورسالة واضحة بأن العدوان على أي شقيق هو عدوان على الجميع.
فلسطين… قضية تتوحد حولها القاهرة والكويت
ولأن البوصلة لا تتغير، ظلّت القضية الفلسطينية في قلب أولويات البلدين. فمصر، بما لها من دور تاريخي وثقل سياسي، لم تتوقف يومًا عن دعم الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، عبر جهود دبلوماسية واتفاقات تهدف إلى إنهاء الانقسام وتحقيق السلام العادل.
أما الكويت، فقد عبّرت عن التزامها الصادق تجاه فلسطين في جميع المحافل الدولية، سياسيًا وإنسانيًا وماليًا، وكانت ولا تزال من أشد المدافعين عن الحقوق الفلسطينية. وقد اتفقت رؤى البلدين على رفض أي محاولة لطمس الهوية الفلسطينية أو الالتفاف على حقوقها المشروعة، مما يجعل موقفهما المشترك حصنًا منيعًا في وجه محاولات تصفية القضية.
وحدة المواقف… وعنوان المستقبل
تثبت المواقف المتبادلة في محطات التاريخ الكبرى أن العلاقة بين القاهرة والكويت علاقة استثنائية، لم تزعزعها الأزمات ولا أضعفتها التحديات. علاقة تتجدد بتجدد الإيمان بأن وحدة العرب لا تزال ممكنة، وأن الأخوّة الحقيقية لا تعرف الجغرافيا بل تعرف المبادئ والوفاء.
واليوم، تستمر هذه العلاقة في النمو والتطور، من خلال تعاون واسع في مجالات الاقتصاد والتعليم والثقافة والسياسة، ليبقى القلب الواحد نابضًا بالأمل، مشرقًا بالثقة، قويًا بوحدة الموقف، وستبقى هذه العلاقة ما بقي الوفاء والصدق والايمان بوحدة المصير..