
عبدالرحيم عبدالباري
خطوة نحو صحة مستدامة: تعاون استراتيجي بين التأمين الصحي الشامل وجامعة قناة السويس
في ظل الجهود المستمرة لتوسيع نطاق الخدمات الصحية وتحقيق التغطية التأمينية الشاملة لجميع المواطنين، تأتي خطوة توقيع عقد التعاون بين الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل وجامعة قناة السويس كتحرك نوعي يعزز منظومة الرعاية الصحية الأولية في مصر. هذا التعاون يُعد نموذجًا يُحتذى به في التكامل بين المؤسسات الحكومية والجامعية، ويعكس حرص الدولة على تطوير البنية التحتية الصحية وفقًا لمعايير الجودة والكفاءة.
تُعتبر خدمات الرعاية الصحية الأولية حجر الأساس في أي نظام تأمين صحي فعال، إذ تمثل الخط الأول للدفاع في مواجهة الأمراض المزمنة والمشاكل الصحية المتكررة. ومن خلال هذه الخدمات، يمكن الكشف المبكر عن المشكلات الصحية ومعالجتها بفعالية، مما يخفف الضغط عن المستشفيات ويقلل من تكلفة الرعاية طويلة المدى. لذلك، فإن تعزيز مراكز الرعاية الأولية يعد خطوة استراتيجية تساهم في استدامة النظام الصحي وضمان وصول الخدمة الطبية للمواطنين بأقل مجهود وتكلفة.
جاء توقيع عقد التعاون بين الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل وجامعة قناة السويس بهدف تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية من خلال مركز طب الأسرة الرئيسي بالجامعة. وقد شارك في توقيع الاتفاق ممثلون رفيعو المستوى من الجانبين، ما يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها المؤسستان لهذا التعاون. وتستهدف الاتفاقية ضمان تقديم خدمات طبية متكاملة للمستفيدين من منظومة التأمين في محافظة الإسماعيلية، ضمن خطة أشمل لتغطية جميع محافظات الجمهورية التي تشهد التطبيق الفعلي للنظام.
لعبت جامعة قناة السويس دورًا محوريًا في دعم منظومة التأمين الصحي من خلال اعتماد عدد من وحدات الرعاية الصحية الأولية المنتشرة في أنحاء المحافظة. وأشار الدكتور أحمد أنور إلى أن الجامعة قد طورت نموذج أعمال ناجح لاعتماد تلك الوحدات بما يضمن تقديم خدمات صحية متميزة. ويُنتظر أن يتم تعميم هذا النموذج الناجح على باقي الجامعات الحكومية، وهو ما سيُحدث نقلة نوعية في مستوى الرعاية الصحية المقدمة ويزيد من فعالية تطبيق المنظومة في مختلف المحافظات.
أثنى الدكتور إيهاب أبو عيش، نائب رئيس الهيئة، على نجاح هذا النوع من التعاون، معتبرًا أنه يمثل خطوة متقدمة نحو إدماج المؤسسات الجامعية في منظومة التأمين الصحي الشامل. وأوضح أن إشراك المستشفيات الجامعية في تقديم خدمات الرعاية الأولية يُسرّع من وتيرة تطبيق النظام ويضمن جودة أعلى للخدمة، بفضل إشراف نخبة من الاستشاريين والأخصائيين الجامعيين. كما أن هذه الخطوة تسهم في تيسير حصول المواطنين على خدمات طبية متميزة على مستوى المحافظات، دون الحاجة للانتقال إلى مراكز طبية كبرى.
من جانبها، أكدت الأستاذة مي فريد، المدير التنفيذي للهيئة، أن الهيئة تولي اهتمامًا كبيرًا بتوسيع شبكة مقدمي الخدمات الصحية لضمان التغطية الشاملة لجميع المستفيدين. وتعمل الهيئة على توفير بنية تحتية صحية قوية من خلال التعاون مع القطاعين العام والخاص، وكذلك عبر الشراكة مع المؤسسات الدولية لتبادل الخبرات. وتُعد خدمات الرعاية الأولية العنصر الأهم في هذه الشبكة، لما تلعبه من دور حيوي في الاكتشاف المبكر للأمراض وتحقيق جودة الخدمة الطبية.
أعلنت الدكتورة هبة عاطف، رئيس الإدارة المركزية لمقدمي الخدمات الصحية، أن شبكة مقدمي الخدمة أصبحت تضم 448 جهة طبية، تشمل وحدات ومراكز رعاية ومستشفيات ومعامل ومراكز أشعة وصيدليات. ويمثل القطاع الخاص نسبة كبيرة من هذه الشبكة بنسبة 27.5%، ما يعكس التوجه نحو التكامل بين كافة قطاعات الرعاية الصحية. هذا الاتساع الكبير في الشبكة يُظهر نجاح الهيئة في تنفيذ خطتها لتقديم خدمة صحية متكاملة وذات جودة عالية لجميع المواطنين في مختلف المحافظات.
إن توقيع هذا الاتفاق بين الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل وجامعة قناة السويس يمثل نقطة انطلاق جديدة نحو ترسيخ مفهوم الرعاية الصحية المتكاملة والمستدامة. وهو دليل واضح على جدية الدولة في تحقيق التغطية الصحية الشاملة، من خلال شراكات ذكية تعزز من قدرات النظام الصحي الوطني. ومع استمرار هذه الجهود، تقترب مصر خطوة أخرى من تحقيق حلم توفير رعاية صحية عالية الجودة لكل مواطن على أرضها.