
عبدالرحيم عبدالباري
تدخل جراحي دقيق ينقذ حياة طفل في مستشفى أحمد ماهر التعليمي
في إطار جهود الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية لتطوير المنظومة الصحية والارتقاء بمستوى الرعاية الطبية، حقق قسم جراحة الأطفال بمستشفى أحمد ماهر والجمهورية التعليمي إنجازاً طبياً جديداً يُضاف إلى سجل إنجازاته، فقد تم بنجاح إجراء تدخل جراحي دقيق لطفل يبلغ من العمر عامين ونصف، كان يعاني من انسداد خطير في منطقة اتصال الحوض الكلوي بالحالب الأيسر، وهي حالة طبية حرجة تهدد سلامة الكلى وقد تفضي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم تُعالج في الوقت المناسب.
يأتي هذا التدخل ضمن سلسلة من النجاحات التي يحققها قسم جراحة الأطفال في مستشفى أحمد ماهر التعليمي، والذي أصبح من المراكز الطبية الرائدة في إجراء الجراحات الدقيقة للأطفال، إن إنقاذ حياة طفل بهذا العمر الصغير، وباستخدام المنظار الجراحي، يعكس مدى تطور إمكانيات الهيئة وحرصها على توفير أحدث التقنيات الطبية اللازمة لتقديم رعاية صحية متكاملة للأطفال، خاصة في الحالات التي تتطلب تدخلاً فورياً ودقيقاً.
وقد صرح الأستاذ الدكتور محمد مصطفى عبد الغفار، رئيس الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية، بأن مثل هذه العمليات تُعد من أولويات الهيئة، نظراً لتأثيرها المباشر على مستقبل الأطفال، وأكد أن الهيئة تسعى دائماً إلى تقليل المعاناة عن كاهل الأسرة عبر دعم هذه التخصصات الحساسة وتوفير الكوادر الطبية المدربة والمجهزة بأحدث التقنيات، بما يضمن استجابة سريعة وفعالة في الحالات الحرجة.
أوضح الأستاذ الدكتور مصطفى القاضي، مدير مستشفى أحمد ماهر التعليمي، أن حالة الطفل تم تشخيصها بدقة بعد تكرار معاناته من أعراض مزعجة، حيث كشفت الفحوصات باستخدام أشعة السونار عن ارتداد بولي شديد وضغط على الكلية اليسرى، هذا الاكتشاف المبكر مكّن الفريق الطبي من التخطيط السريع لإجراء العملية ومنع حدوث مضاعفات خطيرة كان من الممكن أن تضر بوظائف الكلى أو تؤدي إلى فشل كلوي لا قدر الله.
وقد تم تجهيز الطفل بكافة الإجراءات والفحوصات اللازمة قبل العملية، وتقرر إجراء جراحة إصلاح انسداد الحوض الكلوي الأيسر باستخدام المنظار الجراحي، وهو ما يُعرف طبياً بـ”Laparoscopic Pyeloplasty”، وتُعد هذه التقنية من أكثر الجراحات دقة، لما تتطلبه من مهارة عالية وتجهيزات متطورة، فضلاً عن أهميتها في الحفاظ على وظائف الكلى ومنع تدهورها مستقبلاً.
أُجريت العملية الجراحية على يد نخبة من الأطباء المتخصصين، يتقدمهم الدكتور هاني محمد الإمبابي، استشاري وزميل جراحة الأطفال بالهيئة، والدكتور كريم الحداد، زميل مساعد في جراحة الأطفال، حيث أشرفا على تنفيذ العملية بمنتهى الدقة والاحترافية، كما شارك في العملية فريق تخدير متميز بقيادة الدكتور جندي جرجس، مما ساهم في توفير بيئة آمنة ومناسبة للعملية الجراحية الدقيقة.
لم يكن النجاح الطبي ممكناً لولا الجهد الجماعي للفريق الطبي والتمريضي، حيث ساهمت الدكتورة بسنت المليجي، استشاري الأطفال وحديثي الولادة، في متابعة الحالة بعد العملية، لضمان استقرار الوضع الصحي للطفل، كما لعب فريق التمريض، بقيادة مروة جمال وفاطمة كمال، دوراً محورياً في تنفيذ مراحل العملية وتقديم الرعاية اللازمة قبل وبعد الجراحة.
هذا النجاح يعكس التزام الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية برؤية شاملة تهدف لتطوير قطاع جراحة الأطفال في مصر. إذ لا تقتصر جهودها على توفير المعدات الحديثة فقط، بل تشمل أيضاً تنظيم برامج تدريبية وتعليمية مستمرة للفِرق الطبية والتمريضية لضمان مواكبة أحدث التطورات في مجال الطب والجراحة الدقيقة، مما يُعزز من مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمرضى.
إن ما تحقق في مستشفى أحمد ماهر التعليمي ليس مجرد عملية ناجحة، بل هو نموذج فعّال لما يمكن تحقيقه حين تتكامل عناصر المنظومة الطبية من قيادة واعية، وأطقم طبية مدربة، وتجهيزات متطورة، ويبقى الأثر الإنساني لهذا العمل هو الأهم، فقد تم إنقاذ طفل من معاناة مستمرة، ومنحت أسرته الأمل بمستقبل صحي آمن، في صورة تجسد التزام الدولة برعاية الإنسان قبل كل شيء.
في النهاية، تؤكد هذه العملية الجراحية الناجحة أن الاستثمار في الكوادر الطبية والبنية التحتية للمستشفيات التعليمية هو السبيل الحقيقي لتقديم رعاية صحية تليق بالمواطن المصري، ويُعد ما أنجزه قسم جراحة الأطفال بمستشفى أحمد ماهر خطوة جديدة في مسيرة التميز الطبي، ورسالة أمل لكل أسرة أن هناك رعاية صحية قادرة على صنع الفرق وإنقاذ الأرواح.