
بالامس اتصلى بى احد الاصدقاء وتبادلنا اطراف الحديث لاكثر من 50 دقيقة، واستشعرت من نبرة صوته وكلماته انه يعيش فترة عصيبة من حياته أفقدته الثقة فيمن حوله، فيشكوا من اهله الذين دائما ما يطلبون منه اشياء اكبر من طاقته لكنه لم يخزلهم ويتحمل من اجلهم الكثير مؤمنا بان العطاء للاهل واجب دينى واخلاقى ايا كان هذا العطاء سواء مادى او معنوى معربا بانه يفعل ذلك عن طيب خاطر لكن لم يجد صدى لهذا العطاء من الاهل.
بصراحة انا اعرف كل شىء عن صديقى واعرف انه يتحمل مالا يتحمله بشر ليس فقط على مستوى العائلة ولكن على مستوى كمية الظروف الصعبه التى يواجهها فى الحياة منفردا، متوكلا على الله وعلى نفسه، فسالته اين قضيت يوم العيد كعاداتك فى هذه المناسبات؟ لانى اعرف جيدا عنه انه من هواه الاحتفال باى مناسبة ليدخل الفرحة والسعادة الى قلبه والى قلب من حوله لانه كريم ومريح لاقصى درجه.
اجابته عن سؤالى هذه المرة كانت صادمه حينما قال انا عشت طول عمرى اسعد من حولى وهذا العيد فى ظل ظروفى النفسية الصعبة التى امر بها لم اجد من يدخل السعادة والفرحة الى قلبى كما كنت افعل فى الماضى مع الجميع وانهمرت عيناه بالدموع قائلا احنا اصبحنا فى زمن معاك جنيه تساوى جنيه، فقلت ليه تقول كدا؟ قال ببساطه هو ده حال هذه الايام، فالاهل والاصدقاء علاقتهم بك علاقة مصلحة يعنى تعطيهم يقربوا منك ويحبوك تمنع عنهم يبعدوا عنك ولا حد يسال فيك.
وبعد انتهاء المكالمة راجعت كل كلمه قالها وبصراحة وجدت كلامه حقيقى ومنطقى وجعلنى اعيد تفكيرى فى امور كانت غائبه عنى، فشكرا لك ياصديقى على هذه النصيحة الغالية التى كثيرا ما كنت اسمع عنها ولكن بعد حديثى معك والاستماع الى تجربتك آمنت بذلك لانى اعرفك جيدا واعرف انك انسان نظيف القلب وسليم الفكر وطيب الاخلاق وكنت ومازلت تعطى بلاحدود.
للاسف الماديات طغت على مشاعر الإنسانية من حب وإخاء وترابط، وأصبحت مسيطرة على تعامل الكثيرين منهم، حيث قدمت المصالح الشخصية المرتبطة بالمال والسلطة على أى شىء آخر، وأصبح الاحترام والتقدير مقتصرين على أصحاب المال فقط، حتى أصبح الفقير مهملا يُنظر إليه بنظرة الشفقة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، والموالاة من نصيب من يملك المال ، ويزيد الأمر سوءا وبشاعة عندما تمتد هذه الظاهرة إلى الأقرباء والأصدقاء والأحباب، فمن يملك المال منهم يتمتع بصحبة ورفقة وخدمة يحرم منها الفقير منهم